138

The Middle Dictionary of Al-Tabarani, Part Two

القسم الثاني من المعجم الأوسط للطبراني

Baare

محمود محمد محمد عمارة السعدني

Noocyada

المراسيل التي يمكن قبولها، فليس كما قيل بأنها من شر المراسيل، ولا من أشدها ضعفًا (^١). وذهب إلى ذلك أيضًا د/محمد عواجي فَبَيَّن أنَّ مراسيله مقبولة، خاصة فيما لا يتعلق بالحلال والحرام. (^٢) - وأما التدليس: فقد وصفه به غير واحد كالشافعي، والدارقطني، والذهبي، لكنهم اختلفوا في طبقته: أ فالعلائي قد عَدَّه في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين - وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، وإن لم يُصرحوا بالسماع، وذلك إما لإمامتهم أو لقلة تدليسهم بالنسبة لمجموع مروياتهم -، بل ووصفه الذهبي في الميزان فقال: كان يدلس في النادر. وقال الحلبي: مشهور بالتدليس، وقد قَبِل الأئمة قوله "عن". ب ولم يخالف هؤلاء إلا الحافظ ابن حجر، فجعله في المرتبة الثالثة - وهم من أكثروا من التدليس، فلم يقبل الأئمة من أحاديثهم إلا ما صرّحوا فيه بالسماع على الراجح -. قلتُ - والله أعلم -: وقد بيّن د/عبد الله دَمْفُو، أن كلام الحافظ فيه نظر؛ لكونه لم يوافقه أحد على ذلك، بالإضافة إلى أن الحافظ قد صرّح في "الفتح": بأن الزهري قليل التدليس (^٣)؛ فلعل اجتهاده قد تغير بعد ذلك. وذهب د/محمد عواجي أيضًا إلى نُدْرة تدليسه، وأنه من الطبقة الثانية. (^٤) وعليه فالراجح: أنَّه قليل التدليس؛ لكن قَيَّده أستاذنا الفاضل أ. د/أحمد معبد، فقال: وعلى هذا تُحمل عنعنة الزهري عن من أدركه، أو لقيه على الاتصال، ما لم يأت نافٍ لذلك. (^٥) وقال الشيخ/ طارق عوض الله: نعم؛ لا ينبغي أن يُتوقف في عنعنة الزهري، بل الظاهر أنه لا يُدلّس إلا في النادر، فلا تُحمل عنعنته على التدليس إلا حيث يظهر في الحديث نكارة، فتُحمل على العنعنة. (^٦) وعليه فالحاصل: أنه "ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتَّفَقٌ على جلالته، وإتقانه، وإمامته، لكنه مع ذلك يُرسل، ويُدلس؛ إلا أن مراسيله يُمكن قبولها والاحتجاج بها، وتدليسه مقبول، ومُحتمل ما لم يأت نافٍ لذلك". (^٧) ٥) أنس بن مالك بن النضر، أبو حمزة الأنصاري، الخزرجي، المُفتي، المُقرئ، المحدّث. روى عن: النبي ﷺ علمًا جمًا، وأبي بكر، وعمر بن الخطاب ﵃، وآخرين.

(^١) ومما استدل به على ذلك أن الزهري معروف بحرصه وحثه على رواية الأحاديث بأسانيدها، فهو الذي قال لابن عُيينة - حين قال له: هاته - أي الحديث - بلا إسناد - فقال الزهري: أترقى السِّطْح بلا سُلّم. وهو الذي قال أيضاُ لأهل الشام - عمومًا - مالي أرى أحاديثكم ليس لها أَزِمَّة، ولا خُطْم؟. بل وقد سبق أقوال أهل العلم فيه، يكفيه ما قاله الإمام أحمد عنه: الزهري أحسن الناس حديثا، وأجود الناس إسنادًا. (^٢) يُنظر: "مرويات الإمام الزُّهري في المغازي" د/ محمد بن محمد عواجي (١/ ١٢٨). (^٣) يُنظر: "فتح الباري" (١/ ٤٢٧). (^٤) يُنظر: "مرويات الإمام الزُّهري في المغازي" د/ محمد بن محمد عواجي (١/ ١٣١). (^٥) يُنظر: تعليقه على "النفح الشذي" (١/ ٤٧٨). (^٦) يُنظر: "تذهيب تقريب التهذيب" (٤/ ٤٩٥). (^٧) يُنظر: "تاريخ دمشق" ٥٥/ ٢٩٤، "تهذيب الكمال" ٢٦/ ٤١٩، "إكمال تهذيب الكمال" ١٠/ ٣٤٠، "السِيَر" ٥/ ٣٢٦، "جامع التحصيل" ص/٢٦٩، "تعريف أهل التقديس" (ص/٤٥)، "التقريب" (٦٢٩٦). وترجمته مطولة، ومبثوثة في جُلّ كتب التراجم.

1 / 138