لِمَاذَا بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ في جَزِيرَةِ العَرَبِ؟
اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَطْلُعَ هذِهِ الشَّمْسُ التِي تُبَدِّدُ الظَّلَامَ، وَتَمْلَأُ الدُّنْيَا نُورًا وهِدَايَةً، مِنْ أُفُقِ جَزِيرَةِ العَرَبِ الذِي كَانَ أَشدَّ ظَلَامًا، وكَانَ أشَدَّ حَاجَةً إِلَى هَذَا النُّورِ السَّاطِعِ.
وقَدِ اخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى العَرَبَ، لِيَتَلَقَّوْا هَذِهِ الدَّعْوَةَ أوَّلًا، ثُمَّ يبهلِّغُوهَا إِلَى أبْعَدِ أنْحَاءَ العَالَمِ، لِعِدَّةِ أسْبَابٍ مِنْهَا:
١ - أَنَّهُمْ كانُوا عَلَى الفِطْرَةِ، وأصْحَابُ إرَادَةٍ قَوِيَّةٍ، إذَا الْتَوَى عَلَيْهِمْ فَهْمُ الحَقِّ حَارَبُوهُ، وَإِذَا انْكَشَفَ الغِطَاءُ عَنْ عُيُونِهِمْ، أحَبُّوهُ واحْتَضَنُوهُ، واسْتَمَاتُوا في سَبِيلِهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ دَلَالَةً وَاضِحَةً مَا قَاله سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو ﵁ (١)، حِينَ سَمعَ مَا جَاءَ في كِتَابِ الصُّلْحِ في الحُدَيْبِيَةِ: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رسُولُ اللَّهِ ﷺ"، فقالَ سُهَيلُ بنُ عَمْرٍو ﵁: واللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ ولَا قَاتلْنَاكَ (٢).