وكَانَ فِي حِجْرِ (١) النَّبِيِّ ﷺ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصِّبْيَانِ (٢).
روَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وابْنُ إسْحَاقَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ قَالَ: كَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁، ومِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ، وأرَادَهُ بِهِ مِنَ الخَيْرِ: أَنَّ قُرَيْشًا أصَابَتْهُمْ أزْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرٍ، فقَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ لِعَمِّهِ العَبَّاسِ، وَكَانَ مِنْ أيْسَرِ بَنِي هَاشِمٍ: يَا أبَا الفَضْلِ إِنَّ أخَاكَ أبَا طَالِبٍ كَثِيرُ العِيَالِ، وقَدْ أصَابَ النَّاسَ مَا ترى مِنْ هَذِهِ الأزْمَةِ، فانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ نُخَفِّفْ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ، آخُذُ مِنْ بَنِيهِ رَجُلًا، وتَأْخُذُ أَنْتَ رَجُلًا فَنَكْفُلُهُمَا عَنْهُ.
فَقَالَ العَبَّاسُ ﵁: نَعَمْ، فانْطَلَقَا حتَّى أتَيَا أبَا طَالِبٍ، فقَالَا لَهُ: إنَّا نُرِيدُ أَنْ نُخَفِّفَ عنْكَ مِنْ عِيَالِكَ حتَّى تَنْكَشِفَ عنِ النَّاسِ مَا هُمْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُمَا أَبُو طَالِبٍ: إِذَا تَرَكْتُمَا لِي عَقِيلًا فَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا، فأخَذَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا ﵁ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وأَخَذَ العَبَّاسُ ﵁ جَعْفَرًا ﵁ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فلَمْ يَزَلْ عَلِيُّ ﵁ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا، فاتَّبَعَهُ عَلِيٌّ ﵁ وَآمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَهُ، وأخَذَ العبَّاسُ ﵁ جَعْفَرًا ﷺ، ولمْ يَزَلْ جَعْفرُ ﵁، معَ العبَّاسِ ﵁ حتَّى أسْلَمَ، واسْتَعنَى عَنْهُ (٣).