مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ ﷺ، ولا يَصْنَعُ ما تَصْنَعُ قُرَيْشٌ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِهَا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَاتٍ، ووُقُوفُهَا بِالمُزْدَلِفَةِ، فَقَدْ رَوى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جبيْرِ بنِ مُطْعِمٍ ﵁ قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَدَخَلْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ. . . (١).
* كَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعْرُوفًا بالأَمَانَةِ:
وَكَانَ ﷺ مَحَلَّ ثِقَةِ النَّاسِ وأمَانَاتِهِمْ، لا يَأْتَمِنُهُ أَحَدٌ عَلَى وَدِيعَةٍ مِنَ الوَدَائِعِ إِلَّا أدَّاهَا لَهُ، ولا يَأْتَمِنُهُ أَحَدٌ عَلَى سِرٍّ أَوْ كَلامٍ إِلَّا وَجَدَهُ عِنْدَ حُسْنِ الظَّنِّ بهِ، فلا عَجَبَ أَنْ كَانَ مَعْرُوفًا في قُرَيْشٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بالأمِينِ.
* كَانَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ:
وَكَانَ الصِّدْقُ مِنْ صِفَاتِهِ ﷺ البَارِزَةِ، شَهِدَ لهُ بِذَلِكَ العَدُوُّ والصَّدِيقُ، ولمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلى النَّاسِ جَمِيعًا، وأمَرَهُ أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الأقْرَبِينَ، صارَ يُنَادِي بُطُونَ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا حضَرُوا قَالَ لَهُمْ: "أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ، أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قَطُّ (٢).