١ - ما علم بدلالة اللغة من معنى البنات في حديث عائشة ﵁ ا وأنها التماثيل التي يلعب بها الصبايا، وقد سبق ذكر ذلك، وحسبك بهذا الدليل قوة.
٢ - أن المتأمل لأشعار العرب يجد أن الصورة الدقيقة الملامح موجودةٌ في أشعارهم، وهذا دليلٌ على وجودها في ذلك الزمان، ومن ذلك قول النابغة الذبياني (^١):
أو دُميةٍ من مرمرٍ (^٢) مرفوعةٍ ... بُنِيَتْ بِآجُرٍّ (^٣) يُشَادُ وقَرْمَدِ (^٤)
وقول ابن قيس الرُّقَيَّات (^٥):
كأنها دُمْيَةٌ مُصَوَّرَةٌ ... مِيع (^٦) عَليها الزِّريابُ (^٧) والوَرِقُ (^٨)
والدمية هي: الصورة المصورة وجمعها دُمَى؛ لأنها يُتَنَوَّقُ في صنعتها، ويبالغ في تحسينها، وقيل: الصورة المُنَقَّشة من العاجُ (^٩).
وما دام أن المسألة محتملةٌ؛ أن تكون لُعَب عائشة من العِهْن، أو تكون منقوشة، فتخصيصها في أحد أفرادها يحتاج إلى دليل.
ثالثًا: أن الجمهور من أهل العلم الذين استثنوا لُعَب عائشة من النهي
(^١) ديوان النابغة ص ٩٦.
(^٢) المرمر: نوعٌ من الرخام صُلْب، لسان العرب ٥/ ١٦٥.
(^٣) الآجُرُ: طبيخُ الطين، الواحدة بالهاء أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّةٌ، لسان العرب ٤/ ١٠.
(^٤) القَرْمد: كل ما طلي به للزينة كالجِصِّ والزعفرانِ، لسان العرب ٣/ ٣٥٢.
(^٥) الفصول والغايات لأبي العلاء المعري ص ٩٣.
(^٦) مِيع: جرى منبسطًا في هِينةٍ، لسان العرب ٨/ ٣٤٤.
(^٧) الزِّرْيابُ: الذَّهَبُ، لسان العرب ١/ ٤٤٧.
(^٨) الوَرِق: الفضة، لسان العرب ١٠/ ٣٨٤.
(^٩) غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ٤٩٨، غريب الحديث لابن الجوزي ١/ ٣٥٠، النهاية ٢/، لسان العرب ١٤/ ٢٦٧، وقد ورد في حديثٍ أخرجه الترمذي في الشمائل ح (٨)، وابن سعد في الطبقات ١/ ٤٢٢، والطبراني في الكبير ٢٢/ ١٥٥ وغيرهم في وصف هند ابن أبي هالة للنبي ﷺ، وفيه: «كأن عنقه جيدُ دميةٍ في صفاء الفضة»، لكن إسناده ضعيفٌ.