348

The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University

أصول الدعوة - جامعة المدينة

Daabacaha

جامعة المدينة العالمية

Noocyada

وصح في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: «واعلم أن النصر مع الصبر»، وهكذا ظهر لنا أن خير الدنيا كله مرده إلى الصبر، وكذلك نعيم الآخرة لا يناله إلا الصابرون كما قال تعالى: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ ولَقَّاهُمْ نَضْرَةً وسُرُورًا * وجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيرًا﴾ (الإنسان: ١١، ١٢). وقال سبحانه: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾ (الفرقان: ٧٥)، ولهذا كان الصبر خير ما يعطاه الإنسان كما قال النبي ﷺ: «وما أعطي أحد عطاءً خيرًا، وأوسع من الصبر».
فهذا هو فضل الصبر على البلاء لكن هذا الأجر، والثواب إنما يكون على الصبر عند الصدمة الأولى كما قال ﷺ لامرأة عند قبر، وهي تبكي، فقال: «اتقي الله، واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فقيل لها: إنه النبي ﷺ فأتت بابه لتعتذر إليه فلم تجد عنده بوابين فقالت: يا رسول الله، لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى»، يعني: إنما الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة، وحرارتها فإنه يدل على قوة القلب، وتثبته في مقام الصبر، وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك.
ولذلك قيل: يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث؛ يعني: إن الأحمق الذي إذا نزلت به المصيبة يلطم الخدود، ويشق الجيوب، وينثر الشعور، ويدعو بالويل والثبور، ثم لا يكاد يمضي عليه ثلاثة أيام إلا ويسكن، ويهدأ، ويبرد حر المصيبة في قلبه فيظهر، وكأنه صابر محتسب، ولكن هيهات هيهات فعلى العاقل أن يحبس نفسه عند الصدمة الأولى عن الجزع، والفزع، ومخالفة الشرع، وألا يقول إلا ما يرضي الرب: إنا لله وإنا إليه راجعون.

1 / 378