346

The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University

أصول الدعوة - جامعة المدينة

Daabacaha

جامعة المدينة العالمية

Noocyada

أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب، ثم وصف الله ﵎ الصابرين بقوله: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة﴾، وهي: كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره ﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ﴾ أي: مملوكون له مدبرون تحت أمره وتصريفه؛ فليس لنا من أنفسنا، وأموالنا شيء فإذ ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه، وأموالهم فلا اعتراض عليه، ومع أننا مملوكون له فإنا إليه راجعون يوم القيمة ليوفينا أجرنا، وثوابنا الذي وعدنا به على الصبر.
﴿أُوْلَئِكَ﴾ الموصوفون بالصبر المذكور ﴿عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، وصلاة الله ﵎ على عبده معناها الثناء عليه في الملأ الأعلى، ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ عظيمة يدخلهم الله فيها، ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ﴾ الذين عرفوا الحق، وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون، وعملوا به، وهو هنا صبرهم لله ﵎.
وهكذا جمع الله ﵎ للصابرين ما لم يجمعه لغيرهم، فقال: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة: ١٥٧)، وهذا من فضائل الصبر، وفضائل الصبر كثيرة؛ منها: أن الله ﵎ أخبر أنه يحب الصابرين فقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ومَا ضَعُفُوا ومَا اسْتَكَانُوا واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: ١٤٦)، وأخبر ﷾ أنه مع الصابرين فقال ﷿: ﴿وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين﴾، وهذه المعية معية خاصة لأولياء الله ﵎ الذين يحبهم، ويحبونه، ومقتضاها النصر، والتأيد، والسداد، والتوفيق، وهي خلاف المعية العامة المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ (الحديد: ٤)، فهذه المعية العامة من الله ﷿ لجميع خلقه معية الإحاطة، والقدرة، وهي تقتضي الخشية، والرهبة بينما الأولى تقتضي الرجاء، والرحمة، والأمن، والطمأنينة.

1 / 376