The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University
أصول الدعوة - جامعة المدينة
Daabacaha
جامعة المدينة العالمية
Noocyada
والمدينة، وأصبح المسلمون كما يقول عروة بن الزبير ﵄: كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقد نبيهم، وقلة عددهم، وكثرة عدوهم؛ حتى وجد من المسلمين من قال لأبي بكر ﵁: يا خليفة رسول الله، أغلقك بابك، والزم بيتك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين -يعني: الموت- ولكن أبا بكر ﵁ لم يعترِه اليأس، ولم يستحوذ عليه القنوط، وإنما واجه هذه الأحداث الجسام كلها بإيمان راسخ، وعزيمة ثابتة، وتفاؤل عظيم.
هو الذي قال للدنيا قولته الخالدة: "أينقص الدين وأنا حي".
وهو الذي قال لعمر ﵁ حين جاء يعاتبه على قتال مانعي الزكاة: "مه يا عمر، رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، أجبّار في الجاهلية وخوَّار في الإسلام، ماذا عسيت أن أتألَّفهم بسحر مفتعل، أم بشعر يُفترى هيات هيات، مضى رسول الله ﷺ وانقطع الوحي؛ فوالله لأجاهدنّهم ما استمسك السيف في يدي، فوالله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فوالله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم عليه، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال؛ فعلمت أنه الحق".
وأبو بكر هو الذي أنفذ جيش أسامة ﵁ وقال لمعارضيه: والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني؛ لأنفذت بعث أسامة، كما أمر به رسول الله ﷺ، ولو لم يبقَ في القرى غيري لأنفذته ما كنت أحلّ عقدًا عقده رسول الله ﷺ بيديه. ولم يزل أبو بكر ﵁ يُخطّط ويجاهد ويرسل البعوث، ويسهر على مصالح الرعية؛ حتى استطاع أن يتغلَّب على الصعاب، وأن يقضي على الثورات والفتن، وأن ينتصر على المرتدّين ومدّعي النبوة، ومانعي الزكاة، ومبطلي
1 / 20