The Fifth Pillar
الركن الخامس
Daabacaha
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
Goobta Daabacaadda
دمشق- سوريا
Noocyada
(١) المشقة التي تلازم أعمال الركن الخامس غير مقصودة لذاتِها، لذلك فإنَّ هذه المشقة ليست عقوبة ولاقربة لذاتها لمجرَّد أنها مشقة، لهذا وجدنا الفقهاء ينصون على أن العبد ليس له أن يتقرب إلى ربه بما هو مشقة محضة، كمن نذر أن يبرز إلى الشمس واقفًا طيلة النهار فلا يلزمه ذلك، ولا يجوز منه. هذه المشقة المبتدعة في الشرع عن الذي نحن بصدده بمعزل؛ لأنّ الحديث هو في المشقة التي تسير جنبًا إلى جنب مع سائر العبادات، والتي تدخل في دائرة طاقة الإنسان وقدرته على فعلها بحيث تعد شاهدًا ناطقًا بصدق توجُّه العبد إلى مولاه، بتعظيم أمر خالقه على ترفيه نفسه عند التعارض فهذا ما ينسجم مع تعريف التكليف الإلهي للعبد، بأنه ما فيه كلفة، ومن البدهيّ أنّ الكلفة تعني ضمنًا المشقة، لكنها كما قلت: ليست أيَّ مشقة؛ لأن ربنا ﷻ ما أنزل التكاليف تعذيبًا للعباد، ولا إرهاقًا لهم، وإنما كلَّفهم بما يربي نفوسهم على محبته، وعلى مكارم الأخلاق التي تزكيها تلك المحبة والتي تقيم فيما بينهم علاقات وديَّة وحضاريَّة تضمن لهم سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة. لقد كلّفهم ليكونوا حملة مشعل النور والهداية فوق هذه الأرض، لذلك لم يكلفهم عبثًا ولا شططًا بدليل قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]. هذه التربية هي ما يطلق عليه علماء السلوك علم التصوف أو علم السلوك: كما سماه ابن تيمية - وهو العلم الذي يروض النفس لتحمل المسؤوليات الجسام بإخراج ما في ساحتها =
1 / 28