أعني قوله -فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين -وقال تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا). فلا يستلزم تحريمه لغير الله في شريعة نبينا، ﷺ، أن يكون كذلك في سائر الشرائع. ا. هـ.
وقال ابن تيمية: ولا يجوز أن يتنقل على طريق العبادة إلا لله وحده لا لشمس ولا لقمر ولا لملك ولا لنبي ولا لصالح ولا لقبر نبي ولا صالح.
هذا في جميع الملل (ملل الأنبياء) وقد ذكر ذلك في شريعتنا حتى نهى: أن يتنقل على وجه التحية والإكرام للمخلوقات ولهذا نهى النبي ﷺ معاذًا أن يسجد له وقال: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها". ونهى عن الإنحاء في التحية ونهاهم أن يقوموا خلفه في الصلاة وهو قاعد (١). ا. هـ.
قلت: فهذه أقوال العلماء شاهدة بأن هذا السجود كان: سجود تحية وكان مباحًا في الشرائع السابقة إلى أن نسخ في شريعتنا.
ومن المعلوم أن السجود لغير الله على وجه العبادة لم يكن مباحًا في أية شريعة فكل الأنبياء نهوا عن ذلك وبلغوا أقوامهم (اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).
وأكبر دليل على هذا (٢) هو قول النبي، ﷺ، في آخر الحديث (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها).
فهذا نص في أن هذا السجود سجود تحية وإكرام وإلا تعارض مع قوله تعالى (والعياذ بالله من ذلك) (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وفي هذا القدر الكفاية لبيان فساد هذا الاستدلال ولله الفضل والمنة وحده.