The Delight of Publication in the Interpretation of the Ten Commandments
أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر
Daabacaha
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Noocyada
الإيضاح
لما أوضح ﵎ فيما مضى من الآيات ما وصى به عباده ذكر ﷾ في نهاية هذه الوصايا قولا أجمل فيه ما تقدم تفصيله، فقوله جل ذكره: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾ (الأنعام: من الآية١٥٣) يدخل فيه كل ما أمر الله به ونهى عنه، فالشريعة جملة وتفصيلا هي صراط الله المستقيم، ومن المعلوم أن ما تقدم من الوصايا جملة من الأوامر والنواهي تدخل تحت هذا العموم؛ الذي يتناول كل ما بينه رسول الله ﷺ، من الدعوة إلى الحق، وبيان دين الإسلام، فهو بدون شك المنهج القويم، وصراط الله المستقيم، الذي كلف رسول الله ﷺ بدعوة الإنس والجن إلى اتباعه، والعمل به جملة وتفصيلا، ونهاهم عن العدول عنه، فمن عدل عنه وقع في الضلالات، وأحاطت به المهلكات، ومما تجدر الإشارة إليه هنا التنبيه على الإضافة في قوله: صراطي هل الصراط مضافا إلى الله ﷿، أو إلى رسول الله ﷺ؟. نقول جوابا عن هذا التساؤل:
يجوز الأمران فإن كانت الإضافة إلى الرب ﷿ فباعتباره الشارع ﷾ فهو الآمر الكريم، والناهي الحكيم.
وإن كانت الإضافة إلى النبي ﷺ فباعتباره سالك المنهج القويم، الداعي إلى النعيم المقيم وهذا ما قرره العلماء وقالوا: "قد يضاف إلى الدعاة إليه والسالكين له من النبيين١ وغيرهم كما في قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ٢. وعلى هذا فيكون المعنى ومما أتلو عليكم من وصايا رب العزة والجلال أن تعلموا أن القرآن الذي أدعوكم إلى العمل به والدعوة إليه وأن ما تضمن من أوامر ونواهي هو الطريق القويم الذي يصل سالكه إلى مرضاة الله وأن ذلك المنهج الذي أسير عليه، فهو الشرع النقي، والمورد العذب، والمشرب السائغ، ومما أتلو عليكم أن تعلموا أن ما أوصاكم الله به في هذه السورة العظيمة ما هو إلا جملة من الأوامر والنواهي التي ضمها كتاب الله العظيم الواجب عليكم العمل بما فيه جملة وتفصيلا، إن هذا القرآن الذي آمركم به وأدعوكم إليه فيه حياتكم، وبه رقيكم، وهو سفينة نجاتكم، فمن أحل حلاله، وحرم حرامه، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه فقد سلك صراط الله المستقيم المنتهي بسالكه إلى مرضاة الله ﷿، إنه سبيل ظاهر الاستقامة، لا
١ الألوسي ٥/٥٠. ٢ الآية ٧ من الفاتحة.
71 - 72 / 33