فإذا نَدَبَ الشَّرعُ -مثلًا- إلى ذكر الله، فالتزم قومٌ الاجتماع عليه على لسان واحد، وبصوت (١) واحد، أو في وقت معلوم مخصوص عن سائر الأوقات، لم يكن في ندب الشَّرع ما يدلُّ على هذا التخصيص المُلتزَم، بل فيه ما يدلُّ على خلافه؛ لأنَّ التزام الأمور غير اللازمة شَرعًا شأنها أنْ تُفْهِمَ التَّشريع، وخصوصًا مع من يقتدى به في (٢) مجامع الناس كالمساجد، فإنّها إذا أُظْهِرَت هذا الإظهارَ، ووُضِعت في المساجد كسائر الشَّعائر التي وضعها رسولُ الله S في المساجد وما أشبَهَها -كالأذان، وصلاة العيدين، والاستسقاء، والكسوف- فُهِمَ مِنها بلا شك أنَّها سُنَنٌ إنْ (٣) لم يُفهم منها الفريضة (٤)، فأحرى أنْ لا يتناولها الدَّليل المُستَدَلُّ به، فصارت من هذه الجهة بِدَعًا مُحْدثة.