والرابع: أنَّ متعقّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه؛ لأنه من باب مضادَّة الشارع واطِّراح الشَّرْع، وكلُّ ما كان بهذه المثابة فمحالٌ أن ينقسم إلى حُسْنٍ وقبيحٍ، وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذمّ، [فإذا] (١) ثَبَتَ ذَمُّ البدعة ثَبَتَ ذَمُّ صاحبِها؛ لأنّها ليست مذمومة مِن حيث تصوُّرها فقط، بل من حيث اتّصف بها المتَّصف، فهو إذن المذموم على الحقيقة، والذَّمُّ خاصَّةُ التأثيم، فالمبتدع مذمومٌ آثمٌ، وذلك على الإطلاق والعموم» (٢) .
ولقد أطال -رحمه الله تعالى- في البحث إلى أن قال: «وحاصل ما ذُكِر هنا، أَنّ كلَّ مبتدع آثمٌ، ولو فُرضَ عاملًا بالبدعة المكروهة إن ثبت فيها كراهة التنزيه؛ لأنه إما مستنبط لها فاستنباطه على الترتيب المذكور غيرُ جائزٍ، وإمّا نائبٌ عن صاحبها مناضلٌ عنه فيها، بما قدر عليه، وذلك يجري مجرى المستنبطِ الأَوَّلِ لها، فهو آثم على كلِّ تقدير» (٣) . انتهى باختصار.