«فإنْ قيل: كيف التَّطبيق بين قوله ﵊: «كلّ بدعة ضلالة» (١) وبين قول الفقهاء: إنَّ البدعة قد تكون مباحةً؛ كاستعمال المُنْخُل، والمواظبةِ على أكل لُبِّ الحنطة، والشَّبَع منه، وقد تكون مُستَحبَّةً؛ كبناء المنارة (!!) والمدارس، وتصنيف الكتب، بل قد تكون واجبةً؛ كنَظْم الدَّلائل لردِّ شُبَهِ الملاحدة ونحوِهم.
قلنا: للبدعة معنيان: معنىً لغويٌّ عامٌّ؛ هو: المحْدَث مطلقًا، عادةً كان أو عبادةً؛ لأنَّها اسمٌ من الابتداع؛ بمعنى: الإحداث؛ كالرِّفْعَةِ من الارتفاع، والخلفَة من الاختلاف، وهذه هي المقْسم في عبارة الفقهاء؛ يعنون (٢) بها: ما أُحْدِث بعد الصَّدر الأوَّل مطلقًا.
ومعنىً شرعيٌّ خاصٌّ؛ هو: الزّيادةُ في الدِّين أو النُّقصانُ منه، الحادثان بعد الصحابة بغير إذن الشَّارع، لا قولًا ولا فعلًا، ولا صريحًا، ولا إشارةً، ... فلا يتناول (٣) العادات أصلًا، بل يقتصر على بعضِ الاعتقادات، وبعضِ ... صُوَر العبادات، فهذه (٤)