وأما ثالثًا: فلأنَّ المعوَّل عليه في الأحكام الشرعية هو النّصّ [في] (١) المنصوص عليه، وإنْ زالتْ العلةُ لأنّ (٢) النَّصَّ هو الذي أثبت الحكم فيما نص عليه فيه، والعلة حكمة فقط، لا يشترط بقاؤها في المنصوص عليه [لبقاء الحكم] (٣)، وليس هذا الحكم من الأحكام التي بناها الشَّارع على العرف، وأناطها به (٤)، حتى يختلف باختلاف عرف الناس وعوائدهم.
ولو كان الأمر كما يقول ذلك البعض، وأن الحكم تغير بتغيّر العلة لكان عدم رفع الصوت مكروهًا مع الجنازة، ولا قائل به، بل الكلام في جواز رفع الصّوت، وعدم جوازه فقط، وقد علمتَ أنَّ الحقَّ عدم الجواز.