وذكر الإمامُ الكبير العالم الربانيُّ سيدي عبد الوهاب الشَّعراني في (عهد تشييع موتى المسلمين) في كتابه «العهود المحمدية» نقلًا عن شيخه العارف بالله سيدي علي الخواص ﵄ ما نصه: «وكان سيِّدي علي الخواص يقول: إذا علم من الماشين مع الجنازة أنهم لا يتركون اللغو في الجنازة، ويشتغلون بأحوال الدنيا، ينبغي أن نأمرهم بقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، فإن ذلك أفضل من تَرْكه، ولا ينبغي لفقيه أنْ ينكر ذلك إلا بنصٍّ أو إجماع، فإن مع المسلمين الإذن العام (١) من الشَّارع بقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ﷺ كل وقت شاؤوا، ويا للعجب من عمى قلب من ينكر مثل هذا!! وربما غرم عند الحكَّام الفلوس، حتى يبطل قول المؤمنين: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ﷺ في طريق الجنازة، وهو يرى الحشيشَ يباع، فلا يكلِّف خاطره أن يقول للحشَّاش: حرام عليك ... إلى آخر ما ورد فيه، فراجعه»، وعليه؛ فإنَّ البلوى قد كثُرت، والغفلةُ في هذه الأوقات قد استولت على قلوب الخلق أجمع، وذهلوا عن التّفكّر في أحوال الآخرة، وانصرفت هممُهم ووجهتُهم إلى الدنيا في جميع الأزمان، فضلًا عما يقع منهم أثناء تشييع الجنائز، من اللغو والغيبة، فلا بأس من العمل بقول هذا العارف (٢)، وقد نقل في «الحواشي المدنيَّة» عن بعض أفاضل علماء السَّادة الشافعية (٣) ما يؤيد ذلك، وذكر المدابغي في «حاشيته» على قول الخطيب الشربيني على شرح (وكره اللغط في الجنازة) (٤)