والإله هو الذي يؤله فيعبد محبةً وإنابةً وإجلالًا وإكرامًا، والرب إذا ذكر وحده دخل فيه الإله، والإله إذا أفرد دخل فيه الرب، وإذا اجتمعا افترقا فصار لكل منهما معنى خاصٌ، وإذا افترقا اجتمعا.
قال شيخ الإسلام: "المقصود هنا بيان حال العبد المحض لله الذي يعبده ويستعينه فيعمل له ويستعينه ويحقق قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية، وإن كانت الإلهية تتضمن الربوبية، والربوبية تستلزم الإلهية، فإنَّ أحدهما إذا تضمن الآخر عند الانفراد لم يمنع أن يختص بمعناه عند الاقتران كما في قوله ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ﴾، وفي قوله: ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ﴾، فجمع بين الاسمين اسم الإله واسم الرب فإنَّ الإله هو المعبود الذي يستحق أن يعبد، والرب هو الذي يربي عبده فيدبره.
ولهذا كانت العبادة متعلقةً باسمه الله، والسؤال متعلقًا باسمه الرب، فإنَّ العبادة هي الغاية التي لها خلق الخلق، والإلهية هي الغاية، والربوبية تتضمن خلق الخلق وإنشاءهم فهو متضمن ابتداء حالهم، والمصلي إذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فبدأ بالمقصود الذي هو الغاية على الوسيلة التي هي البداية، فالعبادة غاية مقصودة، والاستعانة وسيلة إليها، تلك حكمة وهذا سبب"١.
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ﵀: "فاعلم أنَّ الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان؛ كما في قوله: ﴿أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ﴾، وكما يقال رب العالمين، وإله المرسلين، وعند الإفراد يجتمعان،