137

The Compendium of Prayer Rules - Mahmoud Owaida

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

Noocyada

ولقد أجاز عدد من كبار الأئمة الانتفاع بالنجس منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي والليث، مستدلين على رأيهم بالأدلة التالية: أ - الحديث الأول المشار إليه آنفًا وهو حديث البخاري وغيره من طريق جابر. ب - عن ابن عمر «أن الناس نزلوا مع رسول الله ﷺ على الحِجْر، أرض ثمود، فاستَقَوْا من آبارها، وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله ﷺ أن يهريقوا ما استقَوْا، ويعلفوا الإبل العجين ...» رواه مسلم والبخاري. ج - عن مُحيِّصة أخي بني حارثة «أنه أستأذن النبي ﷺ في إجارة الحَجَّام فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: اعلفْهُ ناضحَك وأَطْعِمْه رقيقَك» رواه الترمذي وحسنه. فنرد عليهم بأن الحديث الثاني الذي رواه الشيخان، والحديث الثالث الذي رواه الترمذي لا يصلحان للاستدلال في موضوعنا، فهما ليسا في موضوع النجاسات والانتفاع بها، وإنما موضوعهما استعمال المُحرَّم، والمُحرَّم ليس بالضرورة نجسًا، فالحشيشة محرَّمة ولكنها ليست نجسة، والصُّلبان محرمة وهي ليست نجسة، والتصاوير، أي التماثيل، محرمة وهي ليست نجسة، فكذلك كسب الحجَّام، وماء آبار من ظلموا أنفسهم، بل إن كسب الحجَّام لم يتفق الفقهاء على تحريمه، فقد أباحه قوم وكرهه آخرون. ولست أريد أن أدخل في هذا الباب حتى لا أخرج عن الموضوع، ولذا أقول إن الحديثين الثاني والثالث لا يصلحان هنا، وليست فيهما دلالة على جواز الانتفاع بالنجس، فيُتركان ويسقط الاحتجاج بهما في المسألة.

1 / 137