The Compendium of Fasting Rulings
الجامع لأحكام الصيام
Noocyada
...نخلص مما سبق إلى القول التالي: إن المسافر يحق له أن يفطر إذا سافر يومه ذاك ولا حائل يحول دون إفطاره، وإن الشرع لم يحدِّد مسافة معينة كعذرٍ لإفطار الصائم، وإنما أطلق القول بأن السفر عذر للإفطار، فيظل المطلق مطلقًا لا يصح تقييده لا بفعل صحابي ولا تابعي ولا فقيه، ولا بأقوالهم، فكل ما يطلق عليه اسم السفر فهو عُذر يبيح الإفطار، وما لم يكن سفرٌ فلا إفطار. وعليه فإن من ذهبوا إلى جواز الإِفطار قبل الخروج من البيوت قد أخطأوا أيضًا بما ذهبوا إليه، لأن نيةَ السفر غيرُ السفر، والسفرُ هو العذر وليست نيتُه. كما أن من حدَّدوا لبدء الإِفطار مسافة معينة كأن تكون ميلًا أو أربعة بُرُدٍ قد أخطأوا أيضًا في تحديدهم هذا لأنه لا دليل لهم من النصوص الصحيحة أو الحسنة، ويبقى لنا أن نقول إن السفر عذر، وإن من سافر جاز له الإفطار.
بقي أن نعرف متى يكون الخروج سفرًا ومتى لا يكون؟ فأقول ما يلي: إن الخروج حتى يكون سفرًا يُباح معه الفطرُ، هو أن يغادر الشخص بلده والأراضي التابعة له، ويدخل في أراضي بلد آخر، مهما كان طول أراضي بلده أو قصرها، فالشخص في بلده غير مسافر، والفلاح في أرضه التابعة لبلده غير مسافر ولو كانت أرضه تبعد عن بلده عدة أميال، ولا يكون مسافرًا إلا إذا غادر بلده وأراضي بلده، وعندها فقط يجوز له أن يفطر، سواء كان بالأكل أو بالشرب أو بالجماع.
...أما أصحاب الرأي ومالك والشافعي وغيرهم القائلون إِنَّ المقيم إذا نوى الصيام ثم سافر فلا يجوز له أن يفطر، بل يستمر صائمًا، محتجين بأن الصوم عبادة تختلف بالحضر والسفر، فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة، وقول الشافعي: من أصبح في حضرٍ مسافرًا فليس له أن يفطر إلا أن يثبت حديث النبي ﷺ أنه أفطر يوم الكِدَيد. فالرد على هؤلاء كما يلي:
1 / 112