The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Daabacaha
دار ابن القيم بالإسكندرية
Noocyada
وَعَلَى الْعَاقِلِ - مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى نَفْسِهِ - أَنْ لاَ يَشْغَلَهُ شُغْلٌ (١) عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ: سَاعَةٍ يَرْفَعُ فِيهَا حَاجَتَهُ إِلَى رَبِّهِ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٍ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ وَثِقَاتِهِ الَّذِينَ يَصْدُقُونَهُ عَنْ عُيُوبِهِ وَيَنْصَحُونَهُ فِي أَمْرِهِ، وَسَاعَةٍ يُخْلِي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا مِمَّا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ؛ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى السَّاعَاتِ الْأُخَرِ، وَإِنَّ اسْتِجْمَامَ الْقُلُوبِ وَتَوْدِيعَهَا (٢) زِيَادَةُ قُوَّةٍ لَهَا وَفَضْلُ بُلْغَةٍ.
وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لاَ يَكُونَ رَاغِبًا (٣) إِلاَّ فِي إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ (٤) لِمَعَاشٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ.
_________
(١) الشغل فيه أربعُ لغاتٍ: "شُغْلٌ"، و"شُغُلٌ"، و"شَغْلٌ"، و"شَغَلٌ"، والجمع: "أَشْغَالٌ". قاله في "الصحاح".
(٢) أي: ترفيهها وراحتها. وقد قيل: «أخذ الراحة للجِدِّ جِدٌّ». وقال الجاحظ في "الحيوان" (ج١ص٣٧ - ٣٨): «الْمُزَاحُ جِدٌّ إِذَا اجْتُلِبَ ليكونَ عِلَّةً للجِدِّ. والبطالةُ وَقَارٌ وَرَزَانَةٌ إذا تُكُلِّفَتْ لتلك العاقبة ... قال أبو شمر: إذا كان لا يُتَوَصَّلُ إلى ما يُحْتَاجُ إليه إلا بما لا يُحْتَاجُ إليه؛ فقد صار ما لا يُحْتَاجُ إليه يُحْتَاجُ إليه» انتهى بتصرف. ولمزيد فائدة حول هذا المعنى: انظر مقدمة العلامة ابن الجوزي ﵀ لكتابه "أخبار الحمقى والمغفلين".
(٣) هكذا في جميع النسخ التي بين يدي، وأظنه تصحيفًا من [ظاعنًا]، فهذه الفقرة والتي قبلها أثر مشهور نقله ابن المقفع، واللفظة فيه كما ذكرتُ، وقد تقدم تخريجه، راجع الحاشية رَقْم (٣).
(٤) يقال: رَمَّ الشَّيْءَ يَرُمّه - بضم الراء وكسرها - رَمًّا وَمَرَمَّةً: أي: أصلحه. "مختار الصحاح" للرازي.
1 / 31