The Authentic Sunnah and Its Role for al-Siba'i
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
سنة ٢٠٠٠ م
Noocyada
الأولى: عَنَاؤُهُ في طلب العلم، فقد كان شديد الحرص على لُقْيَا العلماء، وتدوين ما يسمع منهم، يسهر الليالي الطويلة على ما سمع، يحفظه وَيُتْقِنُهُ، وإليك ما يُحَدِّثُنَا به أقرانه في الطلب:
قال ابو الزناد: «كُنَّا نَكْتُبُ الحَلاَلَ وَالحَرامَ، وَكَانَ ابنُ شِهَابٍ يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَعْلَمَ النَّاسِ».
وقال إبراهيم بن سعد: «قُلْتُ لأَبِي: بِمَ فَاتَكُمْ ابْنِ شِهَابٍ؟ قَالَ: كَانَ يَأْتِي المَجَالِسِ مِنْ صُدُورِهَا، وَلاَ يَلْقَى فِي المَجْلِسِ كَهْلًا وَلاَ شَابًّا إِلاَّ سَأَلَهُ، حَتَّى يُجَادِلَ رَبَّاتَ الحِجَالِ».
وبلغ من حرص الزُّهْرِيِّ على العلم أنه كان يخدم عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ليأخذ عنه، حتى كان يستقي له الماء ثم يقف بالباب، فيقول عُبَيْدُ اللهِ لجاريته: «مَنْ بِالبَابِ؟»، فتقول له: «غُلاَمَكَ الأَعْمَشُ» (تعني الزُّهْرِي وكان به عمش) وهي تظنه غلامه لكثرة ما ترى من خدمته له ووقوفه ببابه، ويحدثون عنه أنه كان إذا خلا في بيته وضع كتبه واشتغل بها عن كل أمر من أمور الدنيا إلى أنَََْ ضاقت به امرأته ذرعًا، فقالت له ذات ليلة: «وَاللَّهِ لَهَذِهِ الْكُتُبُ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ ثَلاَثَ ضَرَائِرَ»، وكان من عادته أنه إذا سمع من بعض الشيوخ وعاد إلى بيته أيقظ جاريته وقال لها: «اسْمَعِي حَدَّثَنِي فُلاَنٌ بِكَذَا، وَحَدَّثَنِي فُلاَنٌ بِكَذَا»، فَتَقُولُ لَهُ: «مَا لِي وَلِهَذَا الحَدِيثِ؟» فَيَقُولُ لَهَا: «قَدْ عَلِمتُ أَنَّكِ لاَ تَنْتَفِعِينَ بِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ الآنَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَذكِرَهُ».
الثانية: حِفْظُهُ وَقُوَّةِ ذَاكِرَتِهِ، فقد كان آية عجبًا في ذلك، وَقَدْ سَمِعْتَ ابن أخيه من قبل، يُحَدِّثُ عنه أنه حفظ القرآن في ثمانين ليلة، ويروي الليث عن الزُّهْرِي أنه قال: «مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبَي عِلْمًا فَنَسِيتُهُ»، وروى عنه عبد الرحمن بن إسحاق: «مَا اسْتَعَدْتُ حَدِيثًا قَطُّ، وَمَا شَكَكْتُ فِي حَدِيثٍ إِلاَّ حَدِيثًا وَاحِدًا، فَسَأَلْتُ صَاحِبِي، فَإِذَا هُوَ كَمَا حَفِظْتُ».
1 / 234