158

The Authentic Prophetic Biography: An Attempt to Apply the Rules of Hadith Scholars in Critiquing the Narrations of the Prophetic Biography

السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية

Daabacaha

مكتبة العلوم والحكم

Lambarka Daabacaadda

السادسة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Goobta Daabacaadda

المدينة المنورة

Noocyada

وهذا القياس الفاسد من قريش، من تشبيه الأنبياء المكرمين بالأصنام المعبودة غير العاقلة اقتضى الرد عليه فقال الله تعالى مبينًا عبودية عيسى لله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ وإنه لم يدعُ إلى عبادة نفسه بل دعا إلى عبادة الله وحده: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾ وسمَّى القرآن احتجاج قريش بالجدل ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾. وهو المِراء الباطل حيث كانوا عربًا فصحاء لا يخفى عليهم أن الآية ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ (١) هي خطاب لقريش، وهم يعبدون أصنامًا لا تعقل، وليست خطابًا للنصارى، فلا يرد اعتراضهم على الآية أصلًا -وهي لما لا يعقل- بدعوى اشتمالها للمسيح ﵇. ومن المجادلات التي أثارها المشركون سؤالهم عن الروح قالت قريش لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (٢) قالوا: نحن لم نؤتَ من العلم إلا قليلًا، وقد أوتينا التوراة ومن أوتيَ التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا!! فنزلت ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ (٣). وسورة الإسراء كلها مكية (٤)، ويحتمل إعادة نزولها عندما أثار اليهود الجدل حول الروح مرة أخرى في المدينة (٥).

(١) الزخرف ٥٧ - ٦٤ وتفسير ابن كثير ٤/ ١١٧ - ١١٨ ط. خليل الميس. (٢) الآية من سورة الإسراء ٨٥. (٣) الآية من سورة الكهف ١٠٩ والرواية في سنن الترمذي ٥/ ٣٠٤ وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. ومسند أحمد ١/ ٢٥٥ ومستدرك الحاكم ٢/ ٥٣١ وصحح إسناده وأقره الذهبي وصححه أيضًا في السيرة النبوية ١٣٤ وصححه الحافظ ابن حجر على شرط مسلم في الفتح ٨/ ٤٠١ وفي السند عكرمة أخرج له مسلم مقرونًا (تهذيب التهذيب ٧/ ٢٧٢). (٤) ابن كثير تفسير ٣/ ٦٠ وحكى الزركشي الاتفاق على ذلك (البرهان ١/ ٣٠). (٥) صحيح البخاري (فتح ١٠/ ١٥، ٨/ ٤٠١) وصحيح مسلم ٤/ ٢١٥٢ وسنن الترمذي ٥/ ٣٠٤. وهذا الجمع بين الروايات أولى من ترجيح نزول الآية في المدينة.

1 / 164