ومما يدل على أن المسلمين كانوا متكتمين في أمر إسلامهم أن أبا ذر الغفاري ﵁ كان يرى نفسه رابع الإسلام أيضًا (١). وقد علل بعض الرواة تعارض كلام أبي ذر مع كلام عمرو بن عبسة فقال: "كلاهما لا يدري متى أسلم الآخر" (٢). مما يشير إلى أن مبدأ سرية الدعوة كان يراعى في بعض الحالات حتى مرحلة الدعوة الجهرية تبعا لما تقتضيه مصلحة الدعوة الناشئة.
إسلام الجن:
بعث محمد ﷺ لعالمي الإنس والجن، والجن كائنات مستترة عن أنظار البشر في الأصل، وإن كانت لهم قدرة على التجسد والظهور بأشكال مختلفة.
ويدل القرآن والسنة على أن نفرًا من الجن، رأوا رسول الله بنخلة عامدًا إلى عكاظ - وقد حيل بين الجن وبين استراق السمع من السماء فكانوا يبحثون في أرجاء الأرض عن السبب - فاستمعوا إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فآمنوا به ورجعوا إلى قومهم فقالوا: ﴿فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ فأنزل الله على نبيه ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ وإنما أوحي إليه قول الجن (٣) ولم ير رسول الله الجن في هذه المرة ولم يقرأ عليهم وإنما