على أمك دين أكنت تقضينه؟ " قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق بالقضاء"، وفي رواية "أكان يؤدى ذلك عنها"؟ ١ أي: فإنه يؤدى عنها. فإنها سألته عن دين الله تعالى على الميت وجواز قضائه عنه، فذكر لها دين الآدمي عليه، وقررها على جواز قضائه عنه، وهما نظيران فلو لم يكن جواز القضاء فيهما لعلة الدين له لكان بعيدًا٢.
وستأتي هذه الأمثلة في أنواع الإيماء، وإنما قدمتها هنا للإيضاح والمراد من الوصف المعنى القائم بالغير ولو كان شرطًا أو استثناء أو غاية أو استدراكًا.
والمراد بالحكم: الحكم الشرعي، بدليل قوله "لو لم يكن للتعليل" أي: لكونه علة لكان بعيدًا، وإنما نسب الاقتران إلى الوصف مع أن الاقتران من الجانبين لأن الحكم هو المقصود والوصف إنما جيء به وقرن بهذا الحكم ليكون معرفًا له، وعلامة على مواقعه"٣.
فظهر أن المراد من الإيماء المراد مسلكًا من مسالك العلة هو الاقتران المقيد بكونه بين الوصف والحكم ويكون الوصف لو لم يكن هو أو نظيره لتعليل لكان بعيدًا.
فالاقتران جنس في التعريف يشمل كل اقتران سواء كان اقتران وصف بحكم، أو اقتران وصف بغير حكم، أو اقتران حكم بذات، خرج عنه ما دل على العلية بلفظ كالفاء، و"وصف" قيد أول خرج به اقتران حكم بذات نحو أكرم زيدًا، وبحكم قيد ثان خرج به اقتران وصف بغير حكم نحو: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ ٤ فالوصف هو الإنزال، والمقترن به هو لفظ كتاب، وهو ليس بحكم، لأن جملة "أنزلناه" في موضع رفع صفة لكتاب، وقوله "لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان بعيدًا قيد ثالث لإخراج اقتران وصف بحكم لو لم يكن هو أو
١ انظر: صحيح مسلم ٣/١٥٥-١٥٦، ابن ماجه ١/٥٥٩.
٢ انظر: المحلى مع حاشية العطار ٢/٣١٢-٣١٣.
٣ انظر: نبراس العقول ١/٢٣٧.
٤ سورة الأنعام آية: ٩٢.