133

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Noocyada

ومَارُوت بَدَل مِنْ الشَّياطين في قَوله: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) هذا أوْلَى ما حُمِلَتْ عليه الآية من التَّأويل، وأصَحّ ما قِيل فيها، ولا يُلْتفَت إلى سِواه؛ فالسِّحْر مِنْ اسْتِخْرَاج الشَّياطِين لِلَطَافَة جَوْهَرِهم ودِقّة أفْهَامِهم (^١). مُلخَّص جواب القرطبي: أن اليَهود زَعَمتْ أن الله أنْزَل جِبريل وميكَائيل بالسِّحْر. فَرَدّ الله ذلك. وتَقْدِير الآية: وما كَفَر سُلَيمَان وما أُنْزِل على الملكين مِنْ سِحْرٍ. مُقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء: روى ابن جرير - بإسناده - إلى ابن إسْحَاق أنَّ رَسُول الله لما ذَكَر سُلَيمَان بن دَاود في الْمُرْسَلِين. قال بعض أحْبَار اليَهود: ألَا تَعْجَبُون مِنْ مُحَمد يَزْعُم أنَّ ابن دَاود كان نَبِيًّا، والله ما كان إلَّا سَاحِرًا؛ فأنْزَل الله في ذلك مِنْ قَولهم: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا)، أي: باتِّبَاعِهم السِّحْر وعَمَلِهم بِه، وما أُنْزِل على الْمَلَكَين بِبَابِل هَارُوت ومَارُوت. ثم قال ابن جرير: فإذا كان الأمْر في ذَلك على مَا وَصَفْنا وتَأويل قَوله: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) مَا ذَكَرْنا، فَبَيِّنٌ أنَّ في الكَلام مَتْرُوكًا تُرِك ذِكْره اكْتِفَاء بما ذُكِر مِنه، وأنَّ مَعْنَى الكَلام: واتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطِين مِنْ السِّحْر على مُلْك سُلَيمَان، فتُضِيفه إلى سُلَيمان، ومَا كَفَر سُلَيمَان فَيَعْمَل بالسِّحْر، ولكن الشَّياطِين كَفَرُوا يُعَلِّمون النَّاس السِّحْر.

(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٥٠).

1 / 133