166

Kacaanka Maansada Casriga ah laga bilaabo Baudelaire ilaa Waqtiga Casriga (Qeybta Koowaad): Daraasadda

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

Noocyada

الأغصان قطرت

مطرا كسولا من السهام،

الماشية نعست

تحت الوداعة الناعمة

ورعت قطعان أخرى الغطاء المضيء،

ولكن إلى أين وصل ذلك الشخص؟ إن الصورة الهادئة في النهاية قد أنستنا بداية الحدث، وكأن لم يكن له ولا لصاحبنا القديم وجود ولا معنى. وإذا أمكن أن نجد للقصيدة مضمونا فهو في اتجاه حركتها. وصول ولقاء وسكون. وكلها حركات مجردة، لا تعني إلا نفسها، مشبعة بسر ذلك الحدث الغامض الذي تظهر على سطحه. فإذا جاءت الخاتمة لم تحل هذا السر، بل أضافت إليه جديدا. صحيح أن الحركة ستنتهي بالهدوء والسكون - ولكن تنافر الصور فيها (يدان كالزجاج) يشير إلى مستوى أعلى تصنعه اللغة نفسها - أي يشير مرة أخرى إلى الغموض والظلام.

ومن الطبيعي أن يكون لمثل هذا الغموض سحره الشديد، وقد يكون له عند الشاعر العظيم ما يبرره في النغمة أو الصورة أو الرؤية. غير أنه قد يصبح عند العاجزين من الشعراء ميدانا للادعاء والثرثرة السخيفة، أو مجالا للتهكم والسخرية عند القراء، أو مبعثا للحيرة عند النقاد. وقد عمد بعض هؤلاء القراء منذ سنوات قليلة في أستراليا إلى دعابة خبيثة تشبه عندنا فضيحة اللامعقول ومسرحية دورنمات المزعومة؛ فألفوا أبياتا لا معنى لها، ونسبوها إلى عامل منجم مغمور، زعموا من باب الاحتياط أيضا أنهم وجدوها بعد موته في أوراقه ... وراح النقاد يشيدون بعمق هذه الأبيات ويبكون موهبة الفقيد!

وليس ببعيد أيضا ذلك السخف الذي وقع فيه شاعر كبير مثل «رلكه» حين زعم في إحدى رسائله أن السوناتا السادسة عشرة من ديوانه «أغاني أورفيوس» موجهة إلى كلب ... فهل يئس الشاعر أن يعثر بين الآدميين على أحد يفهمها أو يحسها؟! (9) اللغة سحر وإيحاء

أصبح الشعر الحديث منذ عهد رامبو ومالارميه نوعا من السحر اللغوي. وقد شرحنا المعنى المقصود من هذه الكلمة في الفصول السابقة وبينا أن النظريات النقدية والأدبية في القرن العشرين تتعرض دائما لفكرة الإيحاء كلما عرضت لتأثير الشعر. ونحب الآن أن نذكر شواهد أخرى على هذا. فبرجسون في كتابه «المعطيات المباشرة للشعور (1889م)» قد جعل من الإيحاء عنصرا أساسيا من نظريته في الفن، وكثير من الرسامين والموسيقيين يحدثوننا عن أثره في إنتاجهم. والمقصود بالإيحاء هو تلك اللحظة التي يطلق فيها الشعر «العقلي» أو الذهني طاقات وإشعاعات روحية يؤخذ القارئ بسحرها ولو لم «يفهم» شيئا من هذا الشعر. هذه الإشعاعات الإيحائية تأتي في الغالب من الطاقات الحسية التي تزخر بها اللغة؛ أعني من الإيقاع والنغم والصوت. وقد تأتي من تلك المعاني والدلالات التي توحي بها الكلمة أو تقع على حدودها أو يحدثها الربط بين الكلمات بطريقة شاذة غير مألوفة.

مثل هذا الشعر الذي يعتمد على سحر اللغة وإيحائها يزيد من سلطان الكلمة ويجعلها أصل الفعل الشعري وأول أسبابه. إنه لا يعتبر العالم حقيقة واقعة، بل الكلمة وحدها هي الواقع بالنسبة إليه. ومن هنا نفهم ما يقوله بعض الشعراء المحدثين من أن القصيدة لا تدل على شيء، بل توجد أو تكون. ومعظم الشروح والتعليقات التي تقدم عما يسمى «بالشعر المحض» أو الشعر الخالص

Bog aan la aqoon