Kacaanka Maansada Casriga ah laga bilaabo Baudelaire ilaa Waqtiga Casriga (Qeybta Koowaad): Daraasadda
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Noocyada
التي يعبر بها الفيلسوف الإسباني عن مبدأ استطيقي بعينه تستند - كما رأينا من قبل - إلى وقائع بدأت تظهر في مجال الفن الحديث بشكل عام منذ منتصف القرن التاسع عشر ولكنها مع ذلك تجعل من كلمته تعبيرا حديثا بمعنى الكلمة يستمد قوته من قوة الرفض والسلب التي يزداد سلطانها منذ قرن من الزمان. فالعمل الفني بهذا المعنى لا تكون له قيمة إلا بمقدار ما يحتوي على إمكانيات الأسلوب التي تحور و تغير بل وتشوه الموضوعات، وبمقدار ما فيه من قدرة التهكم على النفس، التي تعد نوعا من رد الفعل على النزعات الانفعالية التي يزخر بها الفن القديم.
ولكن ما معنى «التجرد عن الإنسانية أو طرح البشرية»؟ وكيف يتم؟ معناه استبعاد الحالات العاطفية الطبيعية وقلب النظام المتواضع عليه في ترتيب الكائنات ابتداء من الجماد إلى الإنسان، بل وجعل الإنسان في أسفل السلم الطبيعي من هذا الترتيب وتصويره على نحو يجعله يبدو في أقل درجة ممكنة من الإنسانية أو يخليه ما أمكن من الصفات البشرية. ويوضح «جاسيت» هذا بقوله: «إن المتعة الجمالية التي يشعر بها الفنان الحديث تأتي من هذا الانتصار على كل ما هو إنساني.» وفي هذا يلتقي مقاله بمختلف الأساليب والبرامج الأدبية التي وضعها الشعراء وطبقوها منذ عهد بودلير.
ولا بد من توضيح ما نقصده بالتجرد من النزعة البشرية بأمثلة من الشعر الحديث. فالذات فيه قد أصبحت نوعا من «الجو الوجداني» المحايد، وكلما أوشكت أن تقع في العاطفية أو الطراوة لجأت إلى عناصر تزيد من صلابتها وخشونتها وبرودها. وأوضح مثال يخطر على البال في هذا الصدد هو شعر رامون خيمينث (وله في هذه المجموعة قصائد كثيرة يمكن الرجوع إليها) وما طرأ عليه من تطور. فلقد كان شعره قبل الحرب العالمية الأولى شعرا ذاتيا خالصا يمزج الكآبة بالدموع بالأحلام بالحدائق النضيرة. غير أنه اشتد صلابة بعد العشرينات. فنجده مثلا في إحدى القصائد يصف النفس بأنها «عمود من الفضة» والتشبيه جميل ولكنه يعبر كما تعبر القصيدة كلها عن نفس تخلصت من الكآبة اليسيرة الساذجة وأصبحت نوعا من التوتر المعلق بين السماء والأرض لا يمكن تحديده أو وصفه.
وشعر الشاعر الإيطالي أنجارتي (وبخاصة بعد ظهور ديوانه «عاطفة الزمن» في سنة 1936م) ينطق عن حال لا تعرف الفرح ولا الألم بل ترف في جو من التأمل الخالص المحايد. فليس في أبيات القصيدة عنده «قيم نفسية» - لاحظ مثلا أنه يتجنب في إحدى قصائده التي تجدها في هذا الكتاب أن يظهر الفرح بمولد الفجر كما اعتاد الشعراء دائما - وإنما تقتصر الحركة فيها على حركة اللغة والصور غير الواقعية، وكأن الشاعر يخشى أن يضبطه القارئ متلبسا بعاطفة مألوفة، أو يتنهد عند قراءته له ويقول: «هذا هو ما كنت أحس به دون أن أستطيع التعبير عنه!» إن الإحساسات اليومية المعتادة ينبغي أن تصمت في القصيدة، والقصيدة التي يسميها فاليري «عيد العقل» تحتوي كما يقول أيضا على أشياء لا يمكن أن يتصف بها في العادة أي إنسان؛ ذلك لأن الجهد الفني، شأنه في ذلك شأن العمل العلمي، يحتوي على شيء غير إنساني. وليس غريبا بعد هذا أن نجد شاعرا يسمي ديوانه «لا قصائد» (كما فعل بيشيت
H. Pichette
في سنة 1947م)، أو «كراهية
La haine de la poésie
الشعر» (كما فعل باتاي
G. Bataille
في نفس السنة أيضا) ...
Bog aan la aqoon