Kacaanka Islaamka iyo Geesiga Anbiyada: Abu Qaasim Maxamed Bin Cabdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Noocyada
وكانت حرفة والد إبراهيم صنعة التماثيل، وكان أهل مكة يبسطون حمايتهم على التجار المنفردين الذين يجوبون الصحراء لقاء أجر، فإذا لبس أحدهم شارة الحماية المكية الدالة على «جوار الله» وقته شر المهاجمين وقطاع الطريق ممن يحترمون «الجوار» ويقدسون الأصنام القابعة في بناء الكعبة، ومن ألفاظهم المصطلح عليها «الجيرة والشفاعة»، وهما قرينتان.
5
وما كان أهل مكة يزرعون قمحا ولا عدسا ولا فولا فكانوا في حاجة لخبزهم يحضرونه من اليمامة في الشمال الشرقي (اشتهرت بزرقائها التي كانت بعيدة النظر)، فمن أراد إذلال مكة فليهاجم قوافلها وليعق تجارتها وليتعرض لإبلها الرائحة الغادية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب (أصل وقعة بدر مهاجمة التجارة المكية).
لم يقنع المكيون بجعل بلدهم معبدا ومركزا للمال والتجارة وتكويم الذهب والفضة، بل نقلوا عن الأمم الأخرى نظام الدرجات الاجتماعية والوظائف العامة ونظام الطبقات؛ فكانت الأرستقراطية مؤلفة ممن لهم جدود عظام اشتهروا بالشجاعة في الحرب، أو بالشعر والخطابة، أو حازوا مالهم بالسرقات والجرائم، ويلوح لنا أن جنايات القتل والسرقة بالإكراه كالتي كان يقترفها تأبط شرا وسليك بن سلكة وغيرهما من طغاة القبائل وغربانها
6
لم تكن معيبة، بل كانت ترفع قدر هؤلاء الجناة في نظر القبيلة! كما هي الحال في الجماعات الفطرية أو القريبة من الوحشية؛ فإنه لا يزال في الشرق لعهدنا جماعات تمجد المجرمين، وتعجب بهم، وبعضهم يدفعون لهم الجزية ويحمونهم؛ إما لصداقتهم، وإما خوفا منهم. (بلطجية!)
والناظر في حياة هذه الجماعة المكية يكاد يحكم بأن أهل مكة عاشوا تحت نظام الأبوة - أو سيادة الرجل - وهو المعروف لعلماء الاجتماع باسم «الباترياركا» يتلو عهد سيادة الأم أو «الماترياركا»، ولا يمكن أن تكون الفترة بين النظامين أقل من ألف سنة كما قلنا، ومع هذا فإن بعض بقايا عهد الأمومة «ماترياركا» كانت ظاهرة؛ فمنها احتفاظ المرأة بحق الطلاق (عصمتها بيدها)، كما جاء في قصة أم عبد المطلب التي سنرويها،
7
ومنها اتخاذ القبائل شمالا وجنوبا نساء للكهانة، ومنها استقلال المرأة في تجارتها واستطاعتها استخدام الرجال وجلب المال لحظيرتها، حتى إذا استغنت واشتهرت تزوجت ممن تختار من وكلائها كما حدث للسيدة خديجة - عليها رضوان الله - ومنها نفوذ المرأة في كثير من الأحيان على الرجل حتى في الحياة العامة، وفي أخبار هند وتزعمها بعض الوقائع وتدخلها في الحرب والسياسة ما يدل على ذلك؛ وإذن فظهور المرأة بمظهر العامل المؤثر في حياة عرب الجاهلية لم يكن نتيجة لحرية المرأة التي شرعها العرف أو حصلت عليها المرأة بجهودها في الحياة الاجتماعية، بل كانت آثارا باقية من نظام اجتماعي فطري؛ هو نظام سيادة المرأة أو عهد «الماترياركا». وشتان بين الأمرين؛ فإن هذه المرأة العربية الجاهلية التى تمتعت بهذه الامتيازات كانت مبذولة العرض في أحوال كثيرة، وكان تعدد الزوجات شائعا والتسري مباحا وأنواع الزواج عند الجاهلية متعددة؛ مما يدل على سهولة الحصول على المرأة، وكانت محرومة من الميراث، في حين أن المرأة الأوروبية لم تصل إلى حريتها إلا في القرن العشرين للمسيح! وعند علماء الاجتماع فرق عظيم بين ما هو أثر باق لحالة اجتماعية من عصور الهمجية، وبين ما ينال بالجهاد ويسجل في الحياة العامة ويصير حقا مكتسبا ومعترفا به؛ وإذن ثبت من البحث العلمي الاجتماعي ومن التاريخ أن حالة المرأة الأولى كانت آثارا للماترياركا، فلما جاء الإسلام منحها الحرية وأعطاها الدستور وقرن تلك الحرية بالشرف والصيانة، وجعلها حقا لا أثرا بعد عين من حالة اجتماعية قديمة، وهذا أحد أفضال الإسلام على العروبة والعالم.
نقول : كان أهل مكة قبل الإسلام بقليل يعيشون تحت نظام الأبوة؛ فكان لهؤلاء القوم زعيم كبير مسموع الكلمة يحكم القبيلة بإرادته وكلمته، وهذا النظام باق من عهد إبراهيم الذي هو «الأب الأعظم» أو البطريرك. فكان قصي قبل عبد المطلب زعيم قريش غير منازع، ثم رأينا حفيده يحفر بئر زمزم، ويزين الكعبة بالذهب والسلاح، ويقابل القائد الحبشي في عام الفيل ويفاوضه في أمر الجلاء عن الأرض المقدسة، ونراه مسموع الكلمة في المسجد وفي المدينة لآخر حياته، ولما توفي وترك أبناءه حل أبو طالب محله في رياسة معنوية للقبيلة أو المدينة، وإن كان قليل المال كثير العيال ضعيف الحول والطول حيال فحول قريش، إلا أنه تمكن بكلمة واحدة من حماية محمد ابن أخيه عبد الله من شر الأقوياء وحقدهم وضغنهم وانتقامهم، وأبى على قريش أن يسلمهم ابن أخيه الذي صار بعد ذلك ببضع سنين سيد العالم وخاتم النبيين ومصلح الإنسانية.
Bog aan la aqoon