تأليف
عباس محمود العقاد
حقيقة مفاجئة
أقدم الثقافات الثلاث
وهذه الثقافات الثلاث هي: العربية، واليونانية، والعبرانية.
أقدمها في التاريخ هي الثقافة العربية، قبل أن تعرف أمة من هذه الأمم باسمها المشهور في العصور الحديثة.
وهذه حقيقة من حقائق التاريخ الثابت الذي لا يحتاج إلى عناء طويل في إثباته، ولكنها على ذلك حقيقة غريبة تقع عند الكثيرين من الأوروبيين والشرقيين، بل عند بعض العرب المحدثين، موقع المفاجأة التي لا تزول بغير المراجعة والبحث المستفيض.
وقد كان ينبغي أن يكون الجهل بهذه الحقيقة هو المفاجأة المستغربة؛ لأن الإيمان بهذه الحقيقة التاريخية لا يحتاج إلى أكثر من الاطلاع على الأبجدية اليونانية، وعلى السفرين الأولين من التوارة التي في أيدي الناس اليوم، وهما: سفر التكوين وسفر الخروج، ولا حاجة إلى الاسترسال بعدهما في قراءة بقية الأسفار.
فالأبجدية اليونانية عربية بحروفها وبمعاني تلك الحروف وأشكالها، منسوبة عندهم إلى قدموس الفينيقي، وهو في كتاب مؤرخهم الأكبر «هيرودوت» أول من علمهم الصناعات.
وسفر التكوين وسفر الخروج صريحان في تعليم الصالحين من العرب لكل من إبراهيم وموسى - عليهما السلام؛ فإبراهيم تعلم من ملكي صادق، وموسى تعلم من يثرون إمام مدين، وشاعت في السفرين رسالة «الآباء» قبل أن يعرفوا باسم الأنبياء؛ لأن العبرانيين عرفوا كلمة «النبي» بعد وصولهم إلى أرض كنعان واتصالهم بأئمة العرب بين جنوب فلسطين وشمال الحجاز.
Bog aan la aqoon