ولنا أن نقول بالتعبير الشائع في عصرنا: إن هؤلاء العبريين منذ بداوتهم إلى هذا القرن العشرين قد كانوا مستنفدين ولم يكونوا قط منتجين، وإن محصولهم في الثقافة العالمية محصول المستغل والوسيط، وليس بمحصول المالك العامل الذي يعطي وينتج ما يعطيه.
الدين
فيما عدا احتكار النعمة الإلهية وعزلة العصبية في أضيق حدودها، لم يبدع العبريون شيئا في ثقافة الدين، وأخذوا كل ما أخذوه من حولهم «مستنفدين» غير متصرفين في عقيدة من عقائده الكبرى، إلا ما تصرفوا فيه بالخرافة والأحجية والطلسم والشعوذة والسحر على سذاجته الأولى بين القبائل البادية.
وكان أكثر ما أخذوه منقولا عن قبائل العربية الكبرى بين اليمن في الجنوب وقبائل الآراميين والكنعانيين في الشمال.
فلم يعرفوا كلمة «النبي» قبل اتصالهم بكنعان في الزمن الذي ظهرت فيه النبوءات العربية، مما ذكره القرآن الكريم ومما ذكروه هم عرضا في أسفار العهد القديم.
وعرف العبريون نبوءات السحر والكهانة والتنجيم كما عرفتها الشعوب البدائية «وابتكروا منها ما ابتكرت على سنة الشعوب كافة، واقتبسوا منها ما اقتبست بعد اتصالهم بجيرانها في المقام من أهل البادية أو أهل الحاضرة، ولكنهم على خلاف الشائع بين المقلدين من كتاب الغربيين قد تعلموا النبوة الإلهية بلفظها ومعناها من شعوب العرب، ولم تكن لهذه الكلمة عند العبريين لفظة تؤديها قبل وفودهم على أرض كنعان ومجاورتهم للعرب المقيمين في أرض «مدين»؛ فكانوا يسمون النبي بالرائي أو الناظر أو رجل الله، ولم يطلقوا عليه اسم النبي إلا بعد معرفتهم بأربعة من أنبياء العرب المذكورين في التوراة، وهم ملكي صادق وأيوب وبلعام وشعيب الذي يسمونه يثرون معلم موسى الكليم، ويرجح بعضهم أنه الخضر - عليه السلام - للمشابهة بين لفظ يثرون وخثرون وخضر في مخارج الحروف، ولما ورد من أخبار الكليم مع الخضر - عليهما السلام - في تفسير القرآن الكريم.
ومن علماء الأديان الغربيين الذين ذهبوا إلى اقتباس العبريين كلمة النبوة من العرب الأستاذ هولشر
Holscher
والأستاذ شميدت
Shmidt
Bog aan la aqoon