وقال أبو مسلم : يجوز كلا الأمرين، فعلى هذه الفائدة يجوز ترك القبيح لقبحه، ولخشية العار أو الفقر أو الخوف ونحو ذلك، ولا يقال: التشريك يخرجه عن كونه تاركا للقبيح، وأنه لا يثاب، ويدل على لزوم حسن المكافأة بالجميل، وأن من أجل بالمكافأة على الجميل كان ظالما.
قوله تعالى:
{ولقد همت به وهم بها}
المعنى همت بمخالطته وهم بمخالطتها، فأما همها: فذلك على سبيل العزم والرضا.
وأما همه: فاختلف المفسرون في ذلك :
فعامة العلماء العدلية :يفسرون همه على وجه لا يكون خطيئة وعزما على الفاحشة، ويذكرون ما روي أنه قعد بين شعبها الأربع، وحل سراويله؛ لأنه لو كان كذلك لنعى الله عليه خطيئته، وظهرت توبته كما نعيب على آدم زلته، وعلى داود، وعلى نوح، وعلى أيوب، وعلى ذي النون، وذكرت توبتهم واستغفارهم، كيف وقد أثنى الله عليه وسماه مخلصا، فعلمنا بالقطع أنه ثبت نفسه في ذلك المقام، فيكون المعنى وهم بها أي : شارف الهم، وقارب أو كان همه حديث نفس؛ لأنه قد يعبر بالهم عن ذلك، ولهذا قال:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني
تركت على عثمان تبكي حلائله
وقيل: هم بزواجتها، وقيل: هم بضربها إلى غير ذلك، حتى نظر في برهان الله المأخوذ على المكلفين.
قال جار الله: ومن حق القارئ أن يقف على قوله ولقد همت به ثم يبتدى، وهم بها لولا أن رأى برهان ربه؛ ليكون فرقا بين الهمين، ويخرج الهم الثاني من دخوله في القسم، فعلى هذا التأويل لا يكون قد وقعت منه معصية.
وقيل: هم بها وحل سراويله إلى غير ذلك لولا أن رأى برهان ربه.
قيل: كف بلا عضد، ولا معصم، مكتوب عليها: {وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين}.
وقيل: سمع صوتا يقول: إياك وإياها، وقيل: مثل له يعقوب غاضبا عاضا على أنملته إلى غير ذلك، وأنكر هذا الزمخشري وغيره كما سبق.
قوله تعالى:
Bogga 73