Saddex Cashar oo ku Saabsan Descartes
ثلاثة دروس في ديكارت
Noocyada
كل ذلك ومرسين فرح؛ فإن تلك النفس الوادعة الساذجة لم تكن تحب شيئا مثل حبها لشجار أدبي.
ومقدمة الكتاب - وهي «المقال في المنهج» - أثارت أيضا اهتماما كبيرا، بل نوعا من الدهشة.
وإني أكرر القول: إن «المقال» أصبح مألوفا لدينا، قد ألفنا أن نرى فيه فيلسوفا كبيرا يقص علينا حياته الروحية، ونحن نرى ذلك أمرا طبيعيا، ولا ندرك كم كان ذلك على العكس خارجا عن المألوف، منقطع النظير، غريبا.
طبيعي أن العالم أو الفيلسوف الذي بلغ إلى اكتشافات جميلة يعرض علينا الطرق والوسائل، أو المناهج التي مكنته من الوصول إليها، وطبيعي كذلك أن العالم أو الفيلسوف الذي كشف منهجا جديدا للبحث يعرضه علينا ويقدم لنا أمثلة على قيمته، أما أن يقص علينا حياته بهذه المناسبة، فهذا هو الأمر الغريب.
هل نتصور أينشتاين أو ديبرويل يروي لنا تاريخ حياته - حتى حياته الروحية - قبل أن يعرض علينا نظرية النسبية، أو النظرية الكمية؟ لا، أليس كذلك؟ ولكن ديكارت يصنع ذلك، لم اعتبر نفسه ملزما بأن يصنع ذلك؟ أجل إنه يعلن أسبابه، ولكن لا يبدو لي أنها هي الأسباب الحقيقية.
يقول إنه وفق إلى اكتشاف «منهج» مكنه من التقدم تقدما كبيرا في دراسة العلوم، وإنه يعرضه لفائدة القراء.
وهاك نصه:
لقد واتاني الحظ؛ فوجدت منذ صباي في طرق أدت بي إلى اعتبارات ومبادئ ألفت منها «منهجا» يبدو لي أنه يمكنني من زيادة علمي بالتدريج، والبلوغ به إلى أعلى نقطة أستطيع الوصول إليها مع قلة حظي من الذكاء وقصر حياتي، ومع أني في تقديري لنفسي أحرص دائما أن أكون أميل إلى قلة الثقة مني إلى الزهو، ومع أني إذ أنظر بعين الفيلسوف إلى مختلف أفعال الناس ومشاريعهم، أكاد لا أتبين شيئا منها إلا وهو باطل عديم الجدوى، فقد حصلت على نتائج لا أتمالك معها من أن أستشعر غبطة بالغة بما يلوح لي أني وصلت إليه في البحث عن الحقيقة، وآمالا بالمستقبل تحملني على الاعتقاد بأنه لو كان بين أعمال الناس، من حيث هم ناس، عمل حسن وهام حقا لكان هو العمل الذي اخترته.
ولكن لعله أخطأ «وظن ماسا وذهبا ما هو نحاس وزجاج»؛ لذلك فهو يقول لنا: «لست أقصد أن أعلم هنا ما ينبغي لكل واحد أن يتبع من منهج ليحسن قيادة عقله، وإنما أريد أن أبين على أي نحو حاولت أن أقود أنا عقلي، فلست أعرض هذا المؤلف إلا على أنه قصة، أو إذا آثرتم هذا التعبير حديث خرافة قد يجد فيه القارئ إلى جانب بضعة أمثلة قد يحسن احتذاؤها أمثلة أخرى يحسن صنعا بعدم اتباعها.» ويضيف ديكارت إلى ذلك قوله: «أرجو أن يعود هذا المؤلف بالفائدة على البعض دون أن يضر أحدا، وأن يحمد مني الجميع صراحتي.»
ما أجمل هذا التواضع!
Bog aan la aqoon