Saddex Cashar oo ku Saabsan Descartes
ثلاثة دروس في ديكارت
Noocyada
وديكارت فيلسوف يهمه قبل كل شيء أن يفهم ما هو صانع، فهو سيحاول إذن أن «يؤسس» علمه الطبيعي ومنطقه و«منهجه»، ولكي يحقق هذا الغرض ولكي يتوفر في هدوء على مذهبه الميتافيزيقي يرحل مرة أخرى 1629 إلى هولندا.
الميتافيزيقا علم الوجود، وعلم معرفتنا بالوجود، فلأجل أن نستطيع تشييدها وتأسيس العلم الطبيعي كعلم وجودي، نحن بحاجة إلى كشف نقطة - نقطة واحدة على الأقل - يدرك فيها علمنا الوجود، أو بعبارة أوضح، نقطة يلتقي فيها علمنا والوجود، لأجل ذلك يجب الرجوع إلى منهج الشك نزيد، فيه تشددا وعنفا عما فعلناه في المرة الأولى.
في تلك المرة الأولى، حين حاولنا أن نراجع أفكارنا جميعا، وقفنا عند «الأفكار الواضحة الجلية» ونجت الرياضيات من نقدنا، أما الآن فسنذهب إلى أبعد من ذلك، وسيشتمل الشك حتى الرياضيات.
سننهج بغاية الدقة، فننكر كل علم نتبين فيه خطأ واحدا، بل إمكان الخطأ، وإذن فنحن ننكر الحس من حيث إنه يخدعنا أحيانا، ونستبعد بالإجمال دعواه إدراك الوجود من حيث إن الجنون «التخييل» والحلم يبطلان ما لهذه الدعوى من قيمة كلية.
ونحن ننكر الاستدلال والحدس العقلي نفسه من حيث إنا نخطئ أحيانا في الحساب وفي البراهين الهندسية، إن في وسع من يخدعنا مرة أن يخدعنا دائما، وننكر أن لدعوى الأفكار الواضحة الجلية قيمة وجودية من حيث إن هذه المسألة هي بالذات موضوع البحث.
ونحن نخترع أسبابا للشك - نخترع سببا يكاد يكون مانويا فنفرض أن روحا خبيثا قديرا يخدعنا دائما وفي كل موضوع، ولنلاحظ جيدا أننا إنما نقبل هذا الفرض القاسي ونقرر الشك مريدين أحرارا.
قد سبق لي القول - ولا يخلو تكراره من فائدة: إن الفلسفة الديكارتية تبدأ بفعل حر، الإنسان حر؛ فهو يستطيع أن يقول: «لا»، للميل الطبيعي الذي يدفعه لتصديق ما يرى ويسمع، وأن يمتنع عن اتباع ما للمحسوس من أثر قوي، وأن يتخلص من سلطان جسمه وعاداته، وبالجملة من سلطان طبيعته.
لا تبرهن فلسفة ديكارت على حرية الإرادة الإنسانية، ولكنها «تفرضها» وتدلل عليها بنفس وجودها، كما كان ديوجانس يدلل على الحركة بالمشي، فلأننا أحرار، ولذلك فقط، نستطيع التحرر من الخطأ والبلوغ بحرية إلى الوضوح الأعظم للعقل وقد استعاد نفسه تماما، تلك هي الفائدة في رياضة أنفسنا على الشك المطلق.
فإنا إذا مضينا بالشك والإنكار إلى الحد الأقصى فسلمنا أننا نخطئ دائما وفي كل موضوع فنحن منتهون حتما إلى أني أنا الذي يخطئ موجود لكي أستطيع أن أخطئ، وإذا سلمنا من جهة أخرى بأن جميع أفكاري كاذبة فمن المحقق أني حاصل على هذه الأفكار.
فاليقين بوجودي يثبت لكل مجهودات الشك، وهذا هو الذهب الخالص الذي لا تقوى الأحماض على النيل منه، إن الحكم بأني موجود حكم صادق كلما نطقت به، وكذلك كلما ألفت حكما وكلما شككت أو أخطأت كان وجودي متضمنا ومطويا في جميع أحكامي وأفكاري وأفعالي؛ أي حالاتي النفسية، إن الفكر يتضمن الوجود، وإن «أنا موجود» لازم مباشرة من «أنا أفكر» وديكارت يقول لنا: «أنا أفكر إذن فأنا موجود.»
Bog aan la aqoon