Saddex Cashar oo ku Saabsan Descartes
ثلاثة دروس في ديكارت
Noocyada
من بين الأفكار الفطرية، الفكرة الأولى والأهم أن هناك إلها جميع الأشياء متعلقة به، كمالاته لا متناهية، وقدرته عظيمة، وأوامره لا تخطئ.
لنلاحظ جيدا أن فكرة الله فطرية حاصلة للإنسان بالطبع وأنها ميزة له غير منفكة عنه، فإنا قد نستطيع أن نجد الإنسان في رأي ديكارت؛ إنه الموجود الحاصل على فكرة الله.
وهاكم نصا أقدم من السابق بخمس عشرة سنة، كتبه إلى مرسين في 15 أبريل 1630:
إني أرى أن الذين منحهم الله العقل ملزمون باستخدامه خاصة في محاولة معرفة الله ومعرفة أنفسهم بهذا حاولت أن أبدأ دراساتي.
هذا كلام يشبه تمام الشبه كلام القديس أوغسطينوس: «أتوق إلى معرفة الله والنفس.» ولكن ديكارت ليس مؤمنا بسيطا، إنه مؤمن فيلسوف، هو لا يكتفي بالإيمان بالله، هو يرى مع جميع أهل عصره أن من الممكن والواجب البرهنة على وجود الله، والعلم الطبيعي الذي أنشأه قد هدم الأساس الذي تقوم عليه الأدلة الموروثة، أعني به تصور العالم كلا مرتبا، وقد هدم منطقه هذه الأدلة في صيغتها المنطقية؛ إذ إنها قائمة على امتناع سلسلة لا متناهية بالفعل، فيجب البحث عن أدلة جديدة أو الرجوع إلى بعض الأدلة القديمة «بعد الملاءمة بينها وبين العقل».
إلى هذا الغرض سيوجه ديكارت جهده، يحثه على ذلك فيما يقول أن بعضهم كان قد أذاع أنه انتهى إلى غايته فأثبت وجود الله، ولكنه يضيف قائلا بتواضع: «ولست أدري علام بنوا هذا الزعم؟ فإن كنت عاونت عليه بأقوالي، فذلك بإقراري بالجهل، في سذاجة لم يألف مثلها الذين أخذوا من العلم بنصيب أو بإعلاني ما لدي من أسباب الشك في أشياء كثيرة يراها الآخرون محققة لا بادعائي مذهبا ما.»
وفي استطاعتنا أن نحدد المعلومات التي يقدمها لنا «المقال»، إن الثناء الذي كان يذاع حول ديكارت لم يكن خلوا من كل أساس، أجل إنه لم يكن قد وضع مذهبه الميتافيزيقي بعد، ولكنه كان قد شرع منذ مدة في رسم برنامجه، كان مذهبه أكثر حرية وأقل استخداما للاستدلال من المذهب المدرسي، يعني خاصة بتعقل المبادئ، ويبحث عن الله في النفس كما كان قد فعل القديس أوغسطينوس، ويجتهد في استغلال كشفه الكبير، وأعني به تقدم اللامتناهي عند العقل، سيشرع في العمل لا ليصدق حسن ظن أصدقائه به فحسب، بل إن أصدقاءه يوجبون عليه ذلك في اجتماع عند سفير البابا الكردنيال دي بانبي، حيث ألقى ديكارت محاضرة فحتم عليه بيريل - مؤسس الجمعية الكهنوتية المعروفة «بأوراثوار» - أن ينتظم تحت لواء الله.
ماذا كان موضوع المحاضرة؟ إن بابييه أول مترجم لديكارت وراوي الخبر لا يذكر الموضوع، ولكنا نستطيع أن نفرض دون أن نستهدف كثيرا للخطأ أن ديكارت عرض على مستمعيه بطلان الأسلوب المألوف في الدفاع عن الدين، وقال لهم: إن التحالف مع أرسطو كان نكبة، وإنه يتعين الرجوع القهقرى والصعود فيما وراء القديس توما الأكويني والفلسفة المدرسية إلى القديس أوغسطينوس.
وديكارت متفق في ذلك مع أهل عصره فقد كان العود إلى القديس أوغسطينوس حديث القوم، وكانت حركة أوغسطينية كاثوليكية قوية آخذة في التكون بعد الحركة الأوغسطينية التي تمت على أيدي لوثيروس وكالفينوس.
وقد لحظ الأوغسطينيون دائما ما بين فكر ديكارت وفكر القديس أوغسطينوس من قرابة، ومنذ عهد ديكارت - فلنذكر أرنو ومالبرانشي - إلى أيامنا، ولحظوا كذلك ما بينهما من تعارض.
Bog aan la aqoon