[الأنعام: 39]، وقل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله، والترهيب مقدم ومن جهة التنبيه كقوله تعالى:
ولقد أرسلنا إلى أمم
[الأنعام: 42]، وفيه الترغيب والترهيب أيضا، ومن جهة التذكير بأحوال المتقدمين كقوله تعالى { ثم هم يصدفون } يعرضون أو يميلون عطفا على نصرف، وهو العمدة فى التعجيب المستفاد بقوله انظر من عرض الكلام، وثم لاستبعاد الإعراض عن الآيات بعد تصريفها فى الدلالة على التوحيد والنبوة تشبيها بتراخى الزمان.
[6.47]
{ قل أرأيتكم إن أتأكم عذاب الله } الخاص بكم كما أتى الأمم { بغتة } ليلا أو نهارا بلا تقدم أمارة { أو جهرة } ليلا أو نهارا بتقدم أمارة سمى ظهوره جهرة تشبيها بظهور الصوت على الاستعارة التصريحية لا المكنية، أو إطلاق المقيد على المطلق، مجازا إرساليا وتفسير ابن عباس بغتة بليل وجهرة بنهار تمثيل بما هو أنسب، لا تفسير تعيين، لأن من شأن الليل أن ما يجئ فيه لا يدرى به، فهو بغتى، وما يجئ بالنهار يدرى به، ولا يخفى أن وجه المقابلة عدم تقدم الأمارة وتقدمها، وإلا فمقابل الجهرة الخفاء، وقيل بغتة استعارة للخفية بقرينة مقابلتها بالجهرة، وأنها مكنية لا تخييلية وهو بعيد مع دعوى الاستعارة المكنية مجردة عن التخييلية { هل يهلك } هلاك سخط وتعذيب، وإلا فكل أحد يمات، وأيضا هلاك المؤمنين لوجودهم فى محل العذاب مثوبة ودرجات لهم، والعذاب إذا نزل عم ولم يميز بين الظالم وغيره { إلا القوم الظالمون } لأنفسهم وغيرهم بكفرهم لأنه يعدوهم لأمرهم به، ولاقتداء غيرهم بهم، ولشؤمه على الأبدان والأموال بنحو القحط، أى هل يهلك سواكم بالذات، بوضع الظاهر موضع المضمر ذكرا للعلة، وقيل: المراد العموم، ويرده الخصوص فى يأتيكم، ويجاب بأن المراد لا يهلك إلا الظالمون، وأنتم منهم.
[6.48]
{ وما نرسل المرسلين } إلى الأمم { إلا مبشرين } المؤمنين بالجنة والعواقب المحمودة { ومنذرين } الكافرين بالنار وعواقب السوء فمعنى علة الإرسال التبشير والإنذار لا اقتراح الآيات، فإن اقتراحها ليس مما يتعلق بالرسالة أصلا، والحصر إضافى لأن الرسل أيضا يصلون ويصومون ويعبدون عبادات كثيرة غير التبشير والإنذار، ويفعلون مباحات، أى أرسلناهم للتبشير والإنذار لا لاقتراح والقدرة على إظهار الآيات، فإن مئونته يكفيها ظهور المعجزات كالشمس، والحال فى الآية تتضمن معنى التعليل كما رأيت، وهذا متصل بقوله تعالى: وقالوا:
لولا أنزل عليه آية من ربه
[يونس: 20، الرعد: 7، 27]، الذى هو اقتراح، وما بينهما من تتمة وفرع على الإرسال بقوله { فمن آمن } من الأمم، وقيل: المراد هنا ومابعد أمته صلى الله عليه وسلم والقرآن، { وأصلح } إلى قوله يفسقون، كأنه قيل فكان الناس بعد الإرسال مؤمنا مصلحا، لا خوف عليه ولا حزن، وكافرا مكذبا يمسه العذاب، ومقتضى الظاهر أن يقول: ولم يؤمن ولم يصلح، أو من كذب وأفسد تلويحا بأن تكذيب الرسل تكذيب بالآيات، وإن تكذيبها لفساد كما قال فى مقابله وأصلح، وكما قال:
فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون
Bog aan la aqoon