397

Fududeynta Tafsiirka

تيسير التفسير

Noocyada

[الأنعام: 28] فإن التمنى إنشاء لا يقبل التكذيب إلا باعتبار أنهم لا يؤمنون، ولو حصل الرد، والمراد بآيات ربنا آياته الدالة على النار وأحوالها وأهلها، لأنها الحاضرة، تحسروا على تفريطهم حتى كانوا من أهلها، وقد حضرت لهم، أو مطلق الآيات الشاملة لهذه بالأولى، وليس تمنيهم عن عزيمة صادقة فى الإيمان فإنه لا رغبة لهم فيه، بل خافوا العقاب الحاضر كما أشار إلى ذلك بقوله عز وجل.

[6.28]

{ بل بدا } ظهر { لهم ما كانوا يخفون من قبل } هو إشراك المنافقين، وأمر البعث، والشرك الذى أنكره المشركون فى بعض مواقف القيامة، والصغائر والكبائر التى يخفونها فى الدنيا، والمشركون مخاطبون بالفروع أيضا، وإخفاء أهل الكتاب ما فى التوراة والإنجيل من رسالته صلى الله عليه وسلم. والآية تعم هؤلاء، وقيل هو النار فإن جحودها إخفاء لها، أو الآيات الدالة عليها فإن إنكارها نفى لها، أو الإشراك أى بدا جزاؤه، أو تحقق أنه إشراك يجازون عليه بالنار بعد ما قالوا:

والله ربنا ما كنا مشركين

[الأنعام: 23]، إذ قالوا كذبا أو زعما بأنه غير شرك، بل ليقربهم إلى الله عز وجل، وعن المبرد: بدا لهم وبال ما كانوا يخفون، وما موصول اسمى أو حرفى، أو نكرة موصوفة { ولو ردوا } إلى الدنيا بعد الوقوف على النار، ولو بدخولها، ومضى أحقاب { لعادوا لما نهوا عنه } إلى ما نهوا عنه من الشرك وما دونه من المعاصى { وإنهم لكاذبون } فى وعدهم الإيمان الذى تضمنه تمنيهم له ومن شأنهم الكذب على الإطلاق، ومنه هذا بالمشاهدة أو بنطق جوارحهم، وكل من المشركين والمنافقين باضمار الشرك، واليهود والنصارى وغيرهم من أهل النار، كلهم يتمنون الرد إلى الدنيا ليجتنبوا ما أدخلهم النار، وكل واحد بدا له تفريطه وبطلان ما كان يتوهمه، وقبح ما أمر من تشبه واعتقاد، والجملة عطفت على لو وشرطها وجوابها عطف قصة على أخرى، والصحيح أن وعد الكافرين الإيمان هو على طريق الإخبار، وقيل إنشاء، فالكذب مبنى على الإخبار.

[6.29]

{ وقالوا } أى منكرو البعث، عطف على عادوا فمعنى لو متسلطة عليه، كأنه قيل: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولقالوا كما قال قبل معاينة العذاب، وأجيز عطفها على نهوا والعائد محذوف، أى قالوه، أو على كاذبون، أو على إنهم لكاذبون، على أن قوله إنهم لكاذبون كلام لهم فى الدنيا قبل الموت، وأما على أنه فيما بعد الموت والرد لو كان الرد فداخل فى حيز لو ليكون عطف خاص على عام، فإن ما ذكر الله عنهم من قوله { إن هى } أى الحياة المعهودة فى الأذهان ذكرت مبهمة، وفسرت فى قوله { إلا حياتنا الدنيا } القريبة الزوال أو الدنيئة أو المتقدمة على الآخرة { وما نحن بمبعوثين } من جملة ما نهو عنه.

[6.30]

{ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } مثل ما مر إلا أن الوقوف على ربهم كناية عند من لم يشترط فى الكناية إمكان الحقيقة، أو استعارة مركبة من تشبيه أشياء بجامع شبه إحضارهم وإذلالهم وسؤالهم وتوبيخهم فى مواقف الحساب بإحضار السيد عبده وإذلاله وسؤاله وتوبيخه على ما فعل، كما يقال أوقف السيد عبده عليه، أو الوقف بمعنى المعرفة، أو عرفوه تحقيقا كما تقول اطلعت على كذا أى تحققته، يقال: وقفت فلانا على كلامك، أو المعنى وقفوا على جزاء ربهم وقضائه وسؤاله، أو ملكه، كما قال { قال أليس هذا بالحق } أى قال ملكه، وهذا جواب سؤال محذوف، أى ماذا قال لهم إذ وقفوا عليه، أو حال من رب، والإشارة إلى البعث للحساب، أو إلى الحساب أو إليهما معا، أو إليهما وإلى الثواب والعقاب بتأويل الواقع، وقيل إلى العقاب { قالوا بلى وربنا } أى إنه لحق، وليست الجملة مقدرة بعد بلى أو نعم، بل هما أفادتا معناها، فلو ذكرت لكانت تأكيدا لمعناهما بخلاف لا، فإن الجملة مقدرة بعدها لأنها تدخل على الجملة فتنفى بخلاف نعم فإنها ليست موضوعة لنفى جملة بعدها أو إثباتها، مثل أن يقال نعم قام زيد بمعنى ما قام أو قام، بل لإقرار نفى سبقها أو إثبات، وكذا بلى لم توضع لنفى جملة تدخل عليها بل نفى النفى قبلها، وإنما أقسموا إظهارا للنشاط المؤذن بالطمع فى التخلص بقبول ندمهم { قال } مثل الأول { فذوقوا العذاب } عطف على محذوف، عطف إنشاء على خبر، أى قد أقررتم فذوقوا العذاب، فالفاء لترتيب العذاب على إقرارهم بحقية ما كفروا به فى الدنيا على أن مدار التعذيب كفرهم الموجب للإقرار لا خصوص إقرارهم، فإن لهم العذاب ولو لم يقروا ، والذوق عبارة عن أول مباشرة شئ، هكذا مطلقا، أو إشارة إلى أن عذاب كل وقت بالنسبة لزيادة الشدة فى الوقت بعده كالذوق، أى ادخلوا العذاب الذى لا يزال تزيد شدته { بما كنتم تكفرون } لسبب كونكم تكفرون بذلك العذاب وبالله وآياته، أو بسبب كفركم الذى تكفرونه على إسقاط الكون، أو ذوقوه كونكم تكفرون بذلك.

[6.31]

Bog aan la aqoon