353

Fududeynta Tafsiirka

تيسير التفسير

Noocyada

[المائدة: 116] وقيل زعموا لعنهم الله أن الإله جوهر واحد مركب من ثلاثة أقانيم الأب والابن وروح القدس وأن هذه الثلاثة إله واحد كما أن الشمس مركبة من قرص وشعاع وحرارة، وعنوا بالأب الذات وقيل الوجود وبالابن كلام الله وبالروح الحياة، ومنهم لعنهم الله من زعم أن الحياة تتجسم وأن هذا الكلام اختلط بجسد عيسى اختلاط الماء باللبن وأن الأب إله والابن إله والروح إله والكل إله واحد، ولزمهم الحدوث لأن المركب حادث والحادث يعجز ويجهل ويحتاج إلى غير ذلك من صفات الخالق تعالى الله. ومن النصارى من هو موحد مثلنا ولا يقبل توحيدهم وعملهم لكفرهم بالنبى صلى الله عليه وسلم والقرآن { وما من إله إلا إله واحد } ظاهر هذا الكلام في العرف أنه لا يوجد إله إلا وهو واحد فتثبت آلهة إلا أنه كل واحد لا إله معه بل هو واحد، وهو متناقض فبان أنه ليس ذلك مرادا بل المراد أن الإله كائنا من كان لا يوجد له شريك في الألوهية يوجد الخلق ويستحق العبادة، أو لا إله في الوجود ولا فى الإمكان غير إله لا يقبل الشركة وهو الله عز وجل { وإن لم ينتهوا عما يقولون } من أنواع الإشراك كالتثليث وكون الله هو المسيح { ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم } نار الآخرة والقتل والأسر والجزية، ومن للبيان أى ليمسن الذين كفروا وهم هؤلاء الذين لم ينتهوا أو النصارى: ومقتضى الظاهر ليمسنهم ووضع الظاهر موضع المضمر ليصفهم بالكفر مرة بعد أخرى ولينبه على أن العذاب مترتب على عدم الانتهاء أو من للتبعيض تحرزا عن البعض الذى تاب وانتهى كما قال:

{ أفلا يتوبون إلى الله } ألا ينتهون فيتوبون عن تلك العقائد الزائغة وما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال الباطنة، والاستفهام تعجيب من إصرارهم وتوبيخهم وإنكار لأن يليق ذلك فيقولوا لا إله إلا الله اللهم اغفر لنا كما قال { ويستغفرونه والله غفور رحيم } يغفر للتائب ويتفضل عليه، ومن هذا فعله وهو قادر كيف لا يتاب إليه.

[5.75]

{ ما المسيح ابن مريم إلا رسول } إنما هو رسول من الله لا ألوهية له، وكيف يكون إلها من يتصف بالبنوة { قد خلت من قبله الرسل } جاءوا بما لم يجئ به غيرهم ومع مجيئهم بما لم يجئ به غيرهم لم تدعهم أممهم آلهة فلا كفر ككفر النصارى، بل قد كان فيهم مثل ما لعيسى من إحياء الموتى على أيديهم وإحياء الجماد ومن خلق من غير أب ولا أم وقد أخرج الله عز وجل للنبى العربى صالح عليه السلام ناقة من صخرة وأحيا الله عصا موسى عليه السلام وخلق آدم بلا أب ولا أم وخلق حواء بلا أب ولا أم سوى أنها جزء من آدم وكل ذلك أعجب { وأمه صديقة } لا إله، كما أنه رسول لا إله وهى كسائر النساء الصديقات كما أن عيسى من الرسل، والصديق بالشد من كان صادقا مع الله ومع الخلق قولا وفعلا واعتقادا مجتهدا في ذلك، وكم امرأة صديقة لم يدع قومها أنها إله ولو كان عيسى وأمه إلهين لقالا إنا إلهان وصدقها هو صدقها مع الله عز وجل، وفي انتفائها ما رمتها به اليهود، وفي إقرارها بكلمات ربها وكتابه وبالأنبياء وجميع ما يؤمن به { كانا يأكلان الطعام } ومن يأكل الطعام هو كسائر البشر وسائر الحيوان لا يكون إلها لحدوثه وتركبه واحتياجه وعجزه وجهله بأكثر الأشياء ومن يبول ويتغوط كيف يكون إلها، ومن يركب الحمار ويعيا كيف يكون إلها، ومن يكون إلها لا يصيبه مكروه وقيل المراد بأكل الطعام الكناية عن قضاء حاجة الإنسان وهذا أمر ذوقا في سماع النصارى ولم أر أبعد فهما وجدالا من النصارى وماسمعنا به { انظر كيف نبين لهم الآيات } على اختصاصنا بالألوهية والوحدانية وهو تعجيب من البيان العظيم { ثم انظر أنى } كيف { يؤفكون } يصرفون عن التوحيد مع ذلك البيان العظيم، وهذا تعجيب من إصرارهم على الشرك مع هذا البيان وعدم تدبرهم، وثم لتراخى الرتبة فان إعراضهم عن التدبر في البيان الواضح أبعد فإن الإنسان قد يفعل ما يفعل جهلا أو تشهيا فإذا وعظ وبين له رجع كل الرجوع أو بعضه والنصارى لم يرجعوا أدنى رجوع.

[5.76]

{ قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرا } أى دفع ضر { ولا نفعا } في أبدانكم وأموالكم وأعراضكم من الجمادات والحيوانات فيقولوا لك لا، فتقول: إن عيسى لا يملك لكم ضرا ولا نفعا كتلك الجمادات والحيوانات فكيف يعبد، أو ما واقعة على عيسى أو عليه وعلى أمه باعتبار النوع أو باعتبار الشبه بنحو الفرس أو باعتبار تغليب الصليب تأكيدا فى نفى الإلهية، وقد قيل على بعد: أن المراد بما الصليب أو باعتبار أن أول أحوالهما لا يوصف بعقل ولا بفضل فهل يمنعكم أحدهما من موت أو مرض أو فقر أو ما تكرهون فاعبدوا الذي يفعل ذلك بكم قهرا أو عدلا ويفعل لكم النفع الدينى والدنيوى والأخروى، وقدم الضر لأن دفعه أهم وقد يقدم النفع لأن النفس أميل إليه طبعا { والله هو السميع } لأقوالكم وأقوال غيركم { العليم } بأحوالكم وأحوال غيركم، فيجازيكم فهو أهل الألوهية وغيره إن ضر أو نفع فبتمليك الله عز وجل لا من ذاته.

[5.77]

{ قل يا أهل الكتاب } يا أهل الإنجيل بدليل قوله { لا تغلوا فى دينكم غير الحق } فإن الغلو الرفع بما لا يثبت كما سموا عيسى عليه السلام إلها أو ابن له، أو أهل الكتاب اليهود والنصارى لأن اليهود غلوا في عزيز إذ سموه ابن الله ولأن الغلو يجوز إطلاقه على المبالغة في الذم أيضا، فإنهم لعنهم الله نسبوا مريم للزنى وابنها لبنوة الزنى بهتانا عظيما، وغير مفعول مطلق أى غلوا غير الحق أى باطلا، ويطلق الغلو على المبالغة في الشئ ولو حلالا كالتعمق في مسائل علم الكلام على وجه الحق فإنه غلو، وعلى وجه باطل غلو أيضا { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل } من قبلكم أو قبل بعث النبى صلى الله عليه وسلم والماصدق واحد من أسلافكم القائلين ببنوة عيسى لله أو ألوهيته وألوهية مريم وبدعهم في التوحيد، وبدع اليهود في التوحيد كالتجسيم ودعوى بنوة عزير والإنكار على موسى فى بعض الأحيان وسائر بدعهم في التوحيد { وأضلوا كثيرا } من الناس فى التوحيد وغيره { وضلوا عن سواء السبيل } عن سائر دينهم أو عن القرآن، وعلى الوجهين تغاير الضلال الأول، وهذا أو الأول عن أدلة العقل، وهذا عما جاء به الوحى أو الأول الضلال بالغلو والثانى الضلال عن دينه الواضح وخروجهم عنه بالكلية، وقال الزجاج الضلال الأخير ضلالهم باضلالهم غيرهم كقوله تعالى:

ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين

[النحل: 25]، إلخ . وقيل: واوضلوا عائد إلى كثيرا.

Bog aan la aqoon