337

Fududeynta Tafsiirka

تيسير التفسير

Noocyada

{ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين بسرعون فى الكفر } لم يخاطب الله عز وجل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بلفظ الرسول فى القرآن إلا فى موضعين من هذه السورة، وذلك تشريف له وتقوية لقلبه وتسلية له صلى الله عليه وسلم عما يوجب حزنه من قومه، ولا حكم للذوات بنفسها بل باعتبار عوارضها، فالمراد لا يحزنك كفر الذين يسارعون فى الكفر، ولا يحزنك مسارعة الذين يسارعون فأجسام الكفار لا تورث حزنا ولا فرحا بل يورث الحزن كفرهم أو مسارعتهم، ولفظ الآية من نهى الغائبين وهو نهى الكفار عن إحزانه والمراد نهى المخاطب صلى الله عليه وسلم، أى لا تحزن بكفرهم ومسارعتهم فيه ولا تتأثر عن ذلك وتبالي به والأحزان سبب للحزن فنهى عن السبب والمراد النهى عن المسبب قطعا له من أصله تأكيدا، أو كذا العكس كقولك لا أراك هنا نهيا لنفسك عن أن تراه هنا، والمراد نهيه عن الكون فيه الذى هو سبب رؤيتكه، ثم المراد إظهار الكفر والمسارعة وإلا فأصل الكفر فيهم وهم منافقون فليسوا يجاهرون به ولكن إذا وجدوا فرصة أظهروه لمثلهم، أو للمشركين الآخرين فذلك المسارعة، ويظهر أيضا كفرهم بظهور أثره وأيضا يسارعون من كفر إلى كفر { من الذين قالوا آمنا بأفواههم } متعلق بقالوا { ولم تؤمن قلوبهم } فمن للبيان أو للتبعيض وسواء فيها علقنا بمحذوف حال من واو يسارعون أو من الذين أى هم الذين قالوا أو بعض الذين قالوا اعتبارا لكون بعض المنافقين يسارع وبعض لا، والقول لا يكون إلا بأفواه فإنما قالوا بأفواههم تلويحا بأن قولهم قول فم لا نصيب فيه لاعتقادهم { ومن الذين هادوا } عطف على من الذين قالوا على حد ما مر فى من الذين قالوا فهم أو بعضهم مسارعون فى الكفر كالمنافقين { سماعون } أى قوم سماعون { للكذب } خبر لضمير الذين قالوا والذين هادوا أى هم سماعون أى هؤلاء الذين قالوا والذين هادوا سماعون، ويجوز جعل من الذين هادوا خبرا لسماعون ودون ذلك أن تجعل خبرا لضمير الذين قالوا محذوفا والأول أولى لعموم العقاب والغوائل، ويدل له قراءة سماعين بالياء فإنها تعين العطف واللام لام التقوية أى سماعون المكذب من الأخبار على وجه القول أو المراد بالسمع القبول كقولنا سمع الله لمن حمده واللام للتقوية لأن القبول أيضا يتعدى بنفسه، والكذب تحريف التوراة لفظا أو تفسيرا والطعن فى نبوءته صلى الله عليه وسلم، أو اللام للتعليل فيقدر المفعول أى سماعون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كلام الناس أو كليهما ليكذبوا فى شأنه عليه بالزييد والنقص والتبديل والإرجاف والقول بإنا سمعنا كذا وكذا ولم يسمعوا { سماعون لقوم آخرين } اليهود وهم أهل خيبر وقريظة والنضير والساعون الناقلون منافقوا المدينة، وحاصل الكلام هو هذا أو أن قوما من اليهود يسمعون الكذب من أحبارهم وينقلونها إلى عوامهم وينقلون عنك إلى أحبارهم ليحرفوه.

ويقال قريظة تنقل إلى خيبر { لم يأتوك } سماعون كلامك لأجل قوم آخرين أو اللام للنفع خبر ثان أو نعت لسماعون الأول باعتبار منعوته، وصفهم أولا بأنهم يسمعون الكذب ويقبلونه أو يسمعون كلامك ليكذبوا فيه، وثانيا بأنهم يسمعون كلامك ويوصلونه لقوم آخرين أعداء لك لم يجيئوك استكبارا أو لمزيد بغض حتى كأنهم لا قدرة لهم على رؤيتك، وجملة لم يأتوك نعت ثان لقوم أو حال منه لنعته بآخرين أو اللام للتقوية أى سماعون كلام قوم آخرين يقدحون فى نبوتك وفى الدين كما قال { يحرفون الكلم } التوراة أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كلام الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وكلام الناس { من بعد مواضعه } من بعد تمكنه فى مواضعه فالجملة نعت ثالث لقوم أو حال من واو يأتوك أو من المستتر فى سماعون، والكلم كلم التوراة يحرفونها بالزيادة فيها والنقص منها لفظا وكتابة وتفسيرا بغير المراد وتبديلا كما بدلوا آية الرجم بالجلد والتحميم، وحمل كل واحد على حمار، وجهه إلى دبر الحمار وتسويد وجهه مربوط بحبل من ليف، ولذلك العموم قال من بعد ولم يقل عن مواضعه، وقيل إن من للابتداء وأن لفظ بعد للإشارة إلى أن التحريف مما بعد إلى موضع أبعد وذلك بليغ فى التشنيع ويبعد ما قيل أن لفظ بعد للتنبيه على تنزيل الكلم منزلة هى أدنى مما وضعت فيه لأنه إبطال النافع بالضار لا بالنافع أو الأنفع، فكأنه وقف المحرف فى موضع هو أدنى من موضع الكلمة يحرفها إلى موضعه ويضعف تعليق القوم بالكذب وجعل سماعون توكيدا لفظيا { يقولون } نعت رابع أو حال آخر أو من واو يحرفون { إن أوتيتم } آتاكم محمد صلى الله عليه وسلم فى سؤالكم له { هذا } أى هذا الأمر الذى حرفتم إليه التوراة. كالتحميم والجلد بدل الرجم { فخذوه } اقبلوه واعملوا به ونقول لله إنا عملنا بفتوى نبى { وإن لم تؤتوه } بأن أفتاكم بما فى اللتوراة كالرجم أو بشىء عنده صعب { فاحذروا } قبوله والعمل به، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريفة وشريف زنى بها من اليهود وهما محصنان وحكمهما فى التوراة الرجم ومعهما رهط من اليهود بعثوهما إلى قريظة ليسألوا النبى صلى الله عليه وسلم عنهما فأمرهم بالرجم فأبوا لشرفهما ولحسدهم أهل الإسلام فقال له جبريل اجعل بينك وبينهم ابن صوريا شابا أبيض أعور أمرد يسكن فدك فسألهم عنه فقالوا نعم هو أعلم يهودى على وجه الأرض بما فى التوراة فأمرهم باحضاره فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:

" أنت ابن صوريا "

قال: نعم. قال:

" وأنت أعلم اليهود "

قال: كذلك يزعمون. قال صلى الله عليه وسلم:

" أترضون به حكما "

؟ قالوا: نعم. قال صلى الله عليه وسلم:

" أنشدك الله الذى لا إله إلا هو فلق البحر لموسى وأنزل عليكم المن والسلوى وأنجاكم وأغرق آل فرعون ورفع فوقكم الطور وأنزل عليكم الحلال والحرام هل تجدون فى كتابكم الرجم على من أحصن "

قال نعم والذى ذكرتنى به لولا أنى خشيت أن تحرقنى النار، ويروى الوراة أن كذبت أو غيرت ما اعترفت، فوثب عليه اليهود، ويروى سفلة اليهود فقال: خشيت إن كذبت أن ينزل على العذاب. ثم سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن أشياء كان يعرفها من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله النبى الأمى العربى ولكن حسدك اليهود وإنك الذى بشر به المرسلون، ثم كفر فأنزل الله تعالى يأيها الرسول وأمر بهما فرجما عند باب المسجد، وإنما سأل النبى صلى الله عليه وسلم تقريرا، وليس إسلام ابن صوريا متفقا عليه، وفى القصة رجم المحصن ولو مشركا فليس الإسلام شرطا أو شطرا للإحصان عندنا، وقيل أسلم وارتد. وقيل لم يسلم، وقيل لما سألوه وقد كان عنده الرجم أتى أحبارهم فى مدارسهم وقال أخرجوا إلى أحباركم فأخرجوا إليه ابن صوريا وأبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهوذا وسألهم فأخبروه، بما عندهم وقالوا إن ابن صوريا أعلمنا فسأله وحده، وروى أنه زنى رجل من فدك فأرسلوا إلى اليهود بالمدينة أن يسألوه صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال أرسلوا إلى رجلين منكم فجاءوا بابن صوريا وآخر فأنشدهما بما مر فقال أحدهما للآخر ما أنشدت بمثله قط، فقالا: نجد القبلة والاعتناق والنظرة ريبة وإذا رأينا الذكر فى الفرج كالميل فى المكحلة رجما فرجم الرجل وقيل، اقتتلت طائفة من اليهود من الجاهلية وجعلوا دية قتيل العزيزة مائة وسق والذليلة خمسين ولما جاء صلى الله عليه وسلم أبت الذليلة إلا مائة لأن دينهم واحد، وقالت العزيزة: صدقوا، ومحمد يحكم لهم بما قالوا، ولكن إن حكم بذلك فلا تأخذوا به { ومن يرد الله فتنته } فضيحته أو صرفه عن الدين بالخلاف كهؤلاء الجاحدين للرجم وقيل عذابه. { فلن تملك له من الله شيئا } لن تملك له شيئا من توفيق تأتى به من الله، ومن للابتداء تتعلق بتملك أو بمحذوف حالا من شيئا وشيئا بمعنى خيرا، وتوفيق مفعول به أو بمعنى ملكا مفعول مطلق أو تملك بمعنى تدفع وشيئا بمعنى ضرا أو دفعا كذلك، وفى الآية أن الله يريد كفر الكافر ومعصية العاصى ويشاء ذلك وإنما الممنوع أحبهما.

Bog aan la aqoon