314

Fududeynta Tafsiirka

تيسير التفسير

Noocyada

فإنها من تقوى القلوب

[الحج: 32]. { ولا تعاونوا } لا تتعاونوا. { على الإثم } المعاصى بينكم وبين الله. { والعدوان } المعاصى بينكم وبين الخلق ابتداء أو انتقاما حيث لا يجوز. ودخل فى ذلك النهى عن التعاون على الاعتداء والانتقام. وعن ابن عباس وأبى العالية، الإثم ترك ما أمرهم به وارتكاب ما نهاهم عنه، والعدوان مجاوزة ما حده الله تعالى لعباده فى دينهم وفرضه عليهم فى أنفسهم، قدم التحلية وهى المعاونة على البر والتقوى على التخلية وهى الإثم والعدوان مسارعة إلى ذكر ما هو المقصود بالذات. { واتقوا الله } خافوه إجلالا وللعقاب على المعاصى. { إن الله شديد العقاب } على العصاة.

[5.3]

{ حرمت عليكم الميتة } أكلا وانتفاعا بلبس أو فرش أو تغطية أو ستر أو ثمن فإنها لا تباع ولا تشترى ولا تعوض لشىء، وهى الحيوان البرى الذى له دم، خرجت روحه بلا ذكاة من ذبح أو نحر أو اصطياد بمحدد أو جارحة واختلف فى خشاخش الأرض مما لا دم فيه وفى الذباب. { والدم } المسفوح كما فى سورة الأنعام الطحال والكبد، وكان أهل الجاهلية يفصدون البعير ويشوون دمه ويأكلونه، وكذا يفعلون فى دم الذبيحة، وحرمت الإمامية الطحال وعن على كراهته. { ولحم الخنزير } وسائر أجزائه لقوله تعالى:

فإنه رجس

[الأنعام: 145] فإن الخنزير كله رجس وخص اللحم بالذكر لأنه معظم ما يقصد، وأباحت الظاهرية داود وأصحابه غير لحمه لظاهر الآية، وهو خطأ وعن قتادة:من أكل لحم الخنزير استتيب وإن لم يتب قتل، فقيل: لأن أكله صار اليوم علامة كفر كالزنار، وفيه أنه لعله أكله بغير استحلال وإنما يقتل لو استحله ولم يتب، وفى الخنزير صفات رديئة منها: أنه عديم الغيرة يرى خنزيرا على أنثاه ولا يتعرض له، وله غرض عظيم ورغبة شديدة فى المشتهيات، فحرم أكله لئلا يرث أكله تلك الصفات. { وما أهل لغير الله } رفع الصوت لغير الله، وذكر الرفع لأنه حالهم، والرفع والخفض والنية سواء فى التحريم، فيكون فى الآية استعمال مقيد فى مطلق { به } بذكره مثل أن يقول عند تذكيته باسم اللات أو باسم العزى، وهو حرام ولو ذكر الله وغيره معا. { والمنخنقة } مطاوع خنق المتعدى، أو مطلق حصول احباس الحلق ولو بلا شد أحد أو شىء عليه حتى ماتت، وكان الجاهلية يخنقون البهيمة ويأكلونها. { والموقوذة } المضروبة بخشبة أو حجر أو حديد أو بندق البارود وبندق القوس أو غير ذلك حتى ماتت { والمتردية } الساقطة عمدا أو بلا عمد من عال كجبل وسطح وفم بير وماتت. { والنطيحة } المنطوحة وماتت بالنطح، والتاء فيهن للنقل من الوصفية، ومعنى هذا عندى أنه ساغت التاء لأنهن فى الأصل أوصاف، وشأن الوصف فى الجملة أن يؤنث إذا كانت لمؤنث وإلا فبعد النقل لا تستحق التاء كما لا يحسن أن نقول فرسة وحمارة والتاء فى قولهم حقيقة اعتبار لكون الأصل كلمة حقيقة، وإذا قيل لفظ حقيقة فلقصد معنى الكلمة واللفظة باللفظ، وزعموا أن معنى كون التاء للنقل من الوصفية أنها تلحق لتدل على تغلب الاسمية عليها وعلى عدم احتياجها إلى الموصوف، ويجوز هنا استشعار الوصفية مثل قولك الدابة أو البهيمة الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، وقال بعض الكوفيين: إذا لم يذكر الموصوف فليست التاء للنقل. { وما أكل السبع } منها أو ما أكل السبع بعضها وماتت كذئب ونمر وأسد وهر والكلب المعلم والطير المعلم ونحوهما من السباع المعلمة المرسلة للصيد، أو أكل بمعنى قتل مجازا وإنما قلت ذلك لأن ما أكله وقوته لا يتصور أن يأكله أحد.

{ إلا ما ذكيتم } وقد أدركتم حياته مما أهل لغير الله به، وما بعده كله فحلال وهو الصحيح. قال الباقر والصادق: أدنى ما تدرك به الذكاة حركة الأذن أو الذنب أو الجفن، وبه قال الحسن وقتادة وإبراهيم وطاووس والضحاك، وظاهره أنها حلال، ولو لم يخرج الدم ولم تتحرك بعد أن أيقن أنها حال الذبح حية. وقال الكلبى: استثناء عائد إلى قوله: وما أكل السبع خاصة، والذكاة قطع الحلق والحلقوم، وكماله قطع الودجين معهما كما قيل أن الذكاة فى اللغة تمام الشىء وذلك بقطع الأوداج وإنهار الدم، وقيل لا تحل إن لم يقطعا وهو الصحيح، ويلتحق بها ما صيد بمحدد أو جارحة أو طعن فى أى موضع لضرورة ولو فى واحد من الأنعام، إذا ند أو توعر بحيث لا يوصل إلى ذكاته، وقيل تحرم المتوعرة ولحق بها أيضا النحر حيث لا يصادف الحلق والحلقوم والودجين، والذبح فوق الجوزة. وإدراك الحياة يتصور بطرف أذن أو تحرك ذنب أو رجل أو غيرهما مما يدل على الحياة، وذكر التفتازانى أنه تعرف الحياة بالاضطراب وسيلان الدم بعد التذكية وأنه لا يكفى الحياة قبلها، وهو المشهور عندنا. لكن إن تصور اضطراب بعد الذكاة بلا دم حلت أيضا، وكذا يقول كل أحد، وقال مالك والزجاج وابن الأنبارى: إذا أصابها ما لا تحيا معه لم تؤثر معه الذكاة؛ لأن معنى التذكية أن يلحقها وفيها بقية تشخب معها الأوداج وتضطرب اضطراب المذبوح لوجود الحياة فيه قبل ذلك. وفيه أن المراد إزالة الحياة الموجودة وذلك حاصل فهى حية عجل بموتها. { وما ذبح على النصب } ولو بلا ذكر لاسمها فلم يتكرر مع قوله: وما أهل لغير الله به. والعطف على ما حرم، والنصب جمع نصاب بالكسر كحمار وحمر، أو مفرد وجمعه أنصاب وهو ما ينصب من الحجارة يذبحون عليه حول الكعبة للأصنام، وهى غير مصورة ولا منقوشة. وقيل هى الأصنام لتعبد وتعظم، وقيل تلك الحجارة ثلآثمائة وستون حجرا حول الكعبة تذبح الجاهلية عليها، وعلى أولى من اللام لصدقها على الأصنام والحجارة، ولو قال للنصب لاختص بالأصنام، وإذا كان ما أهل لغير الله به يعاد ذبحه ويحل إذا أدرك حيا فأولى أن يحل ما ذبح على النصب بلا ذكر لاسمها إن أدرك حيا وأعيد ذبحه، ويجزى الذبح بعد النحر والنحر بعد الذبح فى ذلك كما شمله قوله: ذكيتم، وعطف على المحرمات بقوله: { وأن تستقسموا بالأزلام } أى تحصلوا القسمة أو الأنصباء بالأقداح والمفرد زلم بفتح الزاى واللام أو بضم الزاى وفتح اللام، وهو القدح بكسر القاف وإسكان الدال وهو سهم صغير لا نصل فيه ولا ريش، وهن سبعة تكون عند خادم الأصنام مستوية مكتوب على واحد أمرنى ربى وعلى آخر نهانى ربى وعلى واحد منكم وعلى آخر من غيركم وعلى واحد ملصق وعلى واحد العقل ولا يكتب على واحد وهو غفل أو يكتب عليه غفل، إذا أرادوا سفرا أو تجارة أو تزوجا أو اختلفوا فى نسب أو أمر قتيل أو دية أو نحو ذلك مما يعظم جاءوا إلى بيت إلى الأصنام وقيل إلى أكبر أصنامهم هبل بمكة فى الكعبة بمائة درهم وأعطوها صاحب الأقداح فيجيلها لهم فإن خرج أمرنى ربى فعلوا ذلك الأمر، وإن خرج نهانى ربى لم يفعلوا، وإذا جالوا على نسب فان خرج منكم كان وسطا فيهم وإن خرج من غيركم كان حلفا فيهم وإن خرج ملصق كان على حاله، وإن اختلفوا فى العقل وهو الدية فمن خرج عليه العقل تحمله وإن خرج الغفل أجالوا ثانيا حتى يخرج المكتوب عليه، فحرم الله ذلك.

وقيل الاستقسام طلب معرفة أجزاء الجزور بالأقداح العشرة الفذ والتوءم والرقيب والحلس والناقص والمسبل والمعلى ولهن أقسام من الجزور على ما اعتادوه، والسفيح والمنيح والوغد، ولا نصيب لهن، يجمع ثلاثة رجال ويشترون جزورا ويجعلون لحمها ثمانية وعشرين، للفذ سهم وللتوءم سهمان وللرقيب ثلاثة وللحلس أربعة وللناقص خمسة وللمسبل ستة وللمعلى سبعة، ويجعلون الأزلام فى خريطة يحركها الرجل فيخرج باسم كل رجل قدحا، ومن خرج له قدح جعله للفقراء ولا يأكل منه، يفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه ويسمونه البرم أى اللئيم، وحمل الآية على هذا غير راجح، لأن قوله عز وجل: يسألونك عن الخمر والميسر يغنى عنه، وكذا يغنى عنه قوله عز وجل: إنما الخمر.. إلخ، وقيل ثلآثة كتبوا على أحدها أمرنى ربى وعلى الثانى نهانى ربى والثالث غفل لا يكتبون عليه شيئا، فإن خرج الآمر مضوا أو الناهى اجتنبوا وإن خرج غفل أجالوها ثانيا، وهكذا، وعن مجاهد الأزلام سهام العرب وكعلب فارس التى يتقامرون بها، وقال وكيع: إنها أحجار الشطرنج. { ذلكم } أى البعيد فى الكفر من الاستقسام أو الميسر أو أكل ما حرم عليهم من الميتة والدم وما بعدهما إلى قوله بالأزلام وتحريم الطيبات الذى يستشعر بالمقام. { فسق } خروج إلى ما حرم الله، لأن طلب ما قسم لهم وتمييز ما لم يقسم بالأزلام توصل إلى علم الغيب بغير الله بخلاف الاستخارة بالقرآن والصلاة فإنها استعلام بالطريق المشروع، بل الاستخارة استدعاء الخير من الله عز وجل لا طلب علم الغيب، ولا ظلم فيها وليس فيها أكل ما بباطل بخلاف الاستقسام فخطر فى أكل مال بباطل قهرا لا برضى، وهم بنية سوء وفى اتكال على غير الله، ويستيقنون بالأصنام ويقصدون الوصول إلى علم الغيب فى ذلك فإن أرادوا بربى الصنم فشرك أو الله فافتراء عليه، فمن أين لهم أنه أمره بذلك أو نهاه، وأيضا يمشون إلى بيت الأصنام بها أو إلى كبيرها، والإستخارة جائزة عندنا، وحكى بعض الإجماع عليها إذا كانت بالقرآن.

وعن مالك كراهتها وفعله على وابن مسعود، وعن على يقرأ من أراد الفأل قل هو الله أحد سبعا ويقول ثلاثا اللهم بكتابك تفاءلت وعليك توكلت اللهم أرنى فى كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون فى غيبك ثم ينظر فى أول صحيفة.. { اليوم } المعهود الحاضر يوم عرفة حجة الوداع إذ نزلت الآية بعد عصره وهو يوم جمعة، أو هذا الوقت المذكور وما بعده من الأزمنة على الاستمرار، وهذا أولى لأن الإياس مستمر وحمله على ذلك اليوم يتم باعتبار أنه فاتحة الأيام وأن الأصل فى الثابت دوامه وأنه أيسوا منه لما بعد، وقيل يوم فتح مكة لثمان بقين من رمضان سنة تسع وقيل سنة ثمان، وعبارة بعض، وقيل يوم نزول الآية وهو الذى فى البخارى ومسلم عن عمر وهو متعلق بقوله { يئس الذين كفروا من دينكم } من إبطال دينكم أى من إبطالكم إياه بأن ترتدوا عنه بتحليل هذه الخبائث وغير ذلك مما هو شرك، أو يئسوا من إبطال دينكم أى من إبطالهم إياه بأن يغلبوكم فيندرس دينكم ويفشو دينهم. نزلت لما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فى حجة الوداع فلا حاجة بكم إلى مداهنة الكفرة إذ لا يطمعون فى قهركم ولا فى تغيير دينكم، وروى أنه لما نزلت الآية نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الموقف ولم ير إلا مسلما { فلا تخشوهم } أن يظهروا على دينكم بتغييره ولا عليكم بالقتل والإضرار. { واخشون } وحدى لا مع الكفار أن أعاقبكم على المخالفة إن خالفتم، فقد أمرتم بترك خشيتهم { اليوم } المذكور قيل متعلق بقوله { أكملت لكم دينكم } بنصركم ونصر دينكم على غيره وعلى سائر الأديان، وبالتنصيص على ما يعتقد وينطق به ويفعل وليس الدين قبل ذلك ناقصا إلا على معنى أنه سيزاد على الموجود منه إذ لم يكافوا إلا بما أنزل من حين أنزل، ودين كل زمان كامل، وكل من مات من الصحابة قبل ذلك مات كامل الدين، إلا أن دين كل زمان أشد كمالا مما بعده إلى أن تم القرآن، كما أن شرعنا أكمل من شرع من قبلنا ولا نقص معيب فى شىء من ذلك، والإتمام شىء زائد على الكمال، وقال الطبرى: الإكمال انفرادهم بالبلد الحرام عن المشركين. { وأتممت عليكم نعمتى } بأن هديتكم إلى دين الإسلام ووفقتكم على العمل به وأكملته لكم، وبينت لكم الحرام كالميتة وما بعدها، وبفتح مكة ودخولكم آمنين ومحو معالم الكفر، والنهى عن حج المشركين وعن أن يتركوا الدخول مكة وطواف العريان، وأعطاكم من العلم ما لم يعط غيركم، وسهلت الاجتهاد بنحو القياس لكم، فالدين فى نفسه كامل بنصوصه وما يستنبط منه بالاجتهاد والقياس فالآية دليل للاجتهاد والقياس لا إبطال لهما كما زعم من زعم { ورضيت لكم الإسلام } عن سائر الأديان، { دينا } اخترته لكم فلا دين عند الله إلا هو، ودينا حال أو تمييز وهو أولى لجموده فلا حاجة إلى تأويله بالمشتق مثل متعبد أو مفعول ثان على معنى وجعلت لكم الإسلام دينا، قال قتاده بمثل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة، وأما الإيمان فيبشر به أصحابه ويعدهم بالخير حتى يجىء الإسلام فيقول: يا رب أنت السلام وأنا الإسلام، فيقول الله تعالى إياك اليوم أقبل وبك أجزى وليس اليوم قيدا لرضى الإسلام فانه مرضىمن أوله، وإنما المراد أثبته لكم لا ينسخ، وعلى حال تامة لا مزيد عليها بعد أن كان يزداد، فلا بأس بالعطف على أكملت المقيد باليوم ولا حاجة إلى دعوى أنها مستأنفة مع أن الواو تمنع الاستئناف، { فمن اضطر } عطف على ذلكم فسق أو على حرمت إلخ، وتفريع بالفاء على ذلك واعتراض بينهما بما يوجب التجنب على تلك المحرمات والتمسك بتحريم تناولها، كأنه قيل بعد ذكرها لا تخافوهم فى مخالفة شريعتكم فإنى أنعمت عليكم بقهرهم وإذلالهم واليأس من أن يغيروا دينكم فالواجب عليكم الإقبال على تحريم ما حرم وإيجاب ما أوجب واستحباب ما استحب وإباحة ما أباح وكراهة ما كره فلا تتناولوا تلكم المحرمات إلا اضطرارا فمن ألجىء إلى ضر كموت أو عمى أو بكم أو نحو ذلك بشدة الجوع إن لم يأكل من تلك المحرمات كما قال { فى مخمصة } أى خواء البطن من الجوع { غير متجانف } مايل أو مقارف.

{ لإثم } مثل أن ينزع من مضطر آخر لا يحل قتله، ومثل أن يأكل فوق ما يسد به الرمق أو فوق ما يدفع به الضر أو يأكل تلذذا مع تلك الضرورة، أو اضطر إلى ذلك لإيقاعه فى معصية كسفر لها وكهروب من أحد أو حق ما من الحقوق يطالب به، ولا يضر التلذذ الضرورى فى النفس. وقال أهل المدينة: يجوز أن يشبع عند الضرورة. { فإن الله غفور رحيم } أى فلا إثم عليه، كما فى سورة أخرى لأن الله غفور رحيم، أو وجب عليه التناول من تلك المحرمات لأن الله غفور رحيم، أو الجواب فإن الله غفور رحيم، على معنى لا يؤاخذ بأكله، ولما نزل اليوم أكملت لكم دينكم الآية، بكى عمر رضى الله عنه فقال النبى صلى الله عليه وسلم:

Bog aan la aqoon