255

Fududeynta Tafsiirka

تيسير التفسير

Noocyada

والله ربنا ما كنا مشركين

[الأنعام: 23]، ختم على أفواههم، وتكلمت جوارحهم بشركهم، فافتضحوا، وتمنوا أن الأرض تسوى بهم ولا يدخلون النار حتى يعترفوا بألسنتهم.

[4.43]

{ يآ أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة } بدون وظائفها، كتطهر، فضلا عن أن تقوموا إليها وتدخلوها مع سكر كما قال الله تعالى { وأنتم سكارى } بنوم أو خمر، أو ما يشغل القلب عنها أو عن وظائفها أو عما يقال فيها، وأنت خبير بأن خصوص سبب النزول لا ينافى عموم اللفظ كما روى أن عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنه دعا المسلمين لطعام، فأكلوا وشربوا الخمر، قبل أن تحرم، فسكروا، فصلوا المغرب، وقرأ إمامهم على بن أبى طالب، وقيل عبد الرحمن بن عوف، كما روى عن عبد الله نفسه أنه المصلى إماما وكما روى عن علي أن الإمام حينئذ عبد الرحمن، أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون { حتى تعلموا ما تقولون } فى الصلاة ومقدماتها من ألفاظ ومعان، ويجوز أن يكون المعنى لا تقربوا المساجد، كقوله تعالى:

لهدمت صوامع وبيع وصلوات

[الحج: 40]، وسماها صلاة لأنها محلها، أو يقدر، لا تقربوا مواضع الصلاة، وهذا المعنى بوجهيه، أنسب بقوله: لا تقربوا، لأن القرب حقيقة بين الجسمين، كالناس والمسجد مجاز بين جسم وعرض، كالناس والصلاة، ويجوز أن يكون المعنى النهى عن الإفراط فى الشرب، على كل حال الآية نهى لمن لا يشرب الخمر، ولمن صحا من شربها لا للسكران فلا دليل فيها على تكليف ما لا يطاق كامتثال السكران، وحتى متعلق بمحذوف، أى دوموا على انتفاء قربها حال السكر حتى تعلموا { ولا جنبا } عطفا على جملة الحال، وهى أنتم سكارى، أى لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا فى حال ما { إلا عابرى سبيل } إلا مجتازى الطريق فى السفر وذلك إذا لم يجد الماء وتيمم، كما ذكر التيمم بعد، أو إلا عابرى نعت جنبا، أى جنبا غير عابرى، أى جنبا مقيمين، نفى حال السفر تقربون الصلاة وأنتم جنب، وتصلون جنبا بالتيمم لعدم الماء، فسماهم جنبا مع التيمم، فالآية دليل لمن قال التيمم مبيح للعبادة كالشافعية، فيتيمم لكل صلاة، فهو طهارة ضرورية لا رافع للحدث كما تقول الحنفية، فلا يعاد التيمم إلا لحدوث ناقص أصله، فهو طهارة مطلقة، وهو الصحيح، والقولان فى المذهب ويجاب بأن المعنى حتى تتيمموا، يقدر بعد قوله سبيل، وبأنه لا تتعين الآية للصلاة بالجنابة، والتيمم، لجواز أن يكون المعنى، لا تقربوا مواضع الصلاة، وهى المساجد إلا مجتازين فيها، فالآية فى مرور الجنب فى المسجد قبل التطهر، ومذهبنا المنع، وهو مذهب أبي حنيفة إلا أنه أجازه إذا كان منه الماء أو الطريق ولا يوصل لذلك إلا بالعبور فيه، وأجازه الشافعى مطلقا، ولنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يأذن لجنب أن يجلس فيه أو يمر إلا لعلى، وكان بيته فيه، وأنه قال

" وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب "

، ورخص لنفر من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد ولا طريق لهم غيره فخص بهم لذلك ولا يحل لغيرهم بعد ولو كانت أبوابهم فيه، وقد قال أيضا وجهوا الحديث { حتى تغتسلوا } غاية لجنبا باعتبار النهى عن القرب، أى لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب حتى تغتسلوا من الجنابة { وإن كنتم مرضى } مرضا يخاف معه التلف أو زيادة المرض أو تأخير البرء، أو لم تكونوا مرضى ولكن خفتم حدوثه بالماء أو انتتاف الشعر، أو بياضه أو احمراره، ولو وجدتم الماء، أو مرضا مانعا عن الوصول إلى الماء { أو على سفر } أو ثابتين على سفر لا تجدون فيه ماء { أو جآء أحد منكم من الغآئط } المكان المطمئن، أو المكان البعيد الذى لا يرى ما فيه إلا من وقف عليه، وهو كناية عن البول وفضلة الطعام الخارجة من البطن، تسمية للحال باسم المحل، لقرينة أن المجىء من المكان المطمئن لا يوجب غسلا ولا تيمما عقلا ولا شرعا، وكانوا قبل اتخاذ الكنف فى الدور يبرزون إلى المطمئن من الأرض لقضاء حاجة الإنسان سترا { أو لامستم النسآء } جامعتموهن، وقالت الشافعية مسستموا أبدانهن بأيديكم أو غيرها، ويرده أنه صلى الله عليه وسلم يمسهن ولا يعيد الوضوء، وإنما ينقض الوضوء مس المحارم بالشهوة، أو مس الأجنبيات مطلقا عمدا، أو مس فرج الزوجة أو السرية { فلم تجدوا مآء } لم تتمكنوا من استعماله ولو وجد، فهو عائد إلى المرض وما بعده كله، كأنه قيل: وإن كنتم جنبا مرضى أو على سفر أو محدثين أو ملامسى النساء فلم تتمكنوا من استعمال الماء لفقده ألبتة أو مع وجود ما يخصكم وحيوانكم طعاما وشرابا أو لعدم القدرة على استعماله { فتيمموا صعيدا } فاقصدوا ترابا { طيبا } طاهرا منبتا هذا مشهور المذهب، لقوله عز وجل:

والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه

[الأعراف: 58]، أو طاهرا ولو غير منبت، لعموم حديث، وترابها طهورا، ولا يجزى السبخة والدر والياقوت ونحوه، والحجر والحصباء بلا تراب عندنا، خلافا لأبى حنيفة وغيره، بدليل قوله تعالى:

Bog aan la aqoon