، رواه الترمذى عن ابن عمر، وذكر أبو قلابة، أنه سأل إبليس النظرة، فأنظره إلى يوم القيامة، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه روح، فقال الله عز وجل:
" وعزتى لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح "
، ويجاب بأن الغرغرة أخطر من الحلق، وأن الموحد تقبل عنه ما دام فيه الروح والعلم لله تعالى، وظاهر الآية العكس، وعن ابن عباس، لو غرغر المشرك بالإسلام لرجوت له حيرا كثيرا، وعنه صلى الله عليه وسلم:
" يغفر الله لعبده ما لم يقع الحجاب، قيل: وما وقوع الحجاب؟ قال تخرج نفسه وهى مشركة "
، ويجاب أيضا بأن معنى الآية أن المسوف والمصر لا تتحقق توبتها، وقيل لا تقبل توبة الآيس، وقيل الآية الأولى فى المؤمنين، والثانية في المنافقين، والثالثة فى المشركين { أولئك } المتسوفون بالتوبة إلى حين لا تنفع، والذين ماتوا وهم كفار، وكلا القسمين، كافر كفر نعمة، أو كفر شرك، إلا أن القسم الأول لمن تعاطى التوبة لم يسمه باسم الكفر لأنه بحسب تعاطيه غير كافر { أعتدنا } هيأنا، وهذا أولى من دعوى أن التاء عن دال من الإعداد، والماصدق واحد { لهم عذابا أليما }.
[4.19]
{ يا أيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النسآء } أجسامهن كما يورث المال، وقيل ما لهن، كانوا يأخذونه كأنه ميراث لهم { كرها } كارهات، أو ذوات كره، والأصل أن لا يفسر بمكرهين أو مكرهات، لأنه ثلاثى، كان الرجل إذا مات عصبته ألقى على زوجه أو على خبائها ثوبه، وقال أنا أحق بها من أوليائها، ومن نفسها، ورثتها منه كما ورثت صله، وذلك كابن الميت من غيرها، وكأخيه، فلا تتزوج غيره، ويكون أمر نكاحها إليه، إن شاء كانت له زوجا، بلا ولى ولا عقد ولا صداق ولا إشهاد، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها، وإن شاء عطلها عن التزوج وأساء عشرتها لعدم جمالها حتى تفتدى إليه بما وثت من زوجها،أو بموت، فيرثها، وذلك قبل نزول آية الإرث، وقيل الآية فى أنهم كانوا يرثون أنهن أزواج لهم بلا رضى منهن، وإن ذهبت إلى أهلها قبل أن يلقى عليها ولى زوجها ثوبه فهى أحق بنفسها، وكانوا على ذلك فى المدينة على عهد الجاهلية، وأول الإسلام، حتى نزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } ، وذكر عكرمة أن أبا قيس ابن الأسلت مات عن كبيشة ابنة معز بن عاصم من الأوس، فحبسها ابنه من غيرها فقالت يا رسول الله: لا أنا ورثت زوجى، ولا أنا تركت فأنكح، فنزلت الآية { ولا تعضلوهن } أيها الغاضبون، لا تعطلوهن عن التزوج، وأصل العضل التضييق، ولا ناهية، والعطف على لا يحل، ومعنى لا يحل النهى، وسيبويه أجاز عطف الإنشاء على الخبر ولو لم يكن الخبر فى معنى الإنشاء، أو لا نافية والعطف على ترثوا، كما قرأ ابن مسعود، ولا أن تعضلوهن، وكان القريشى إذا لم توافقه زوجه طلقها وأشهد أن لا تتزوج إلا برضاه، فإن أعطته ما يرضيه تركها تتزوج، والخطاب للورثة المتعاطفين، أو للأزواج، أو الأول للورثة وهذا للأزواج كما يأتى { لتذهبوا ببعض مآ ءاتيتموهن } فكيف بكله، أى ببعض ما آتاهن أولياؤكم الذين غصبتم، عمم لفظ الخطاب فى الفصل والذهاب والإيتاء، فكان على التوزيع، وقيل الخطاب فى يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم إلى بعض ما آتيتموهن للأزواج، كانوا يحبسون أزواجهم لمالهن ولا رغبة لهم فيهن لدمامتهن، أو كبر سنهن حتى يمتن فيرثوهن، وقد أساءوا عشرتهن، وكان الواجب أن يحسنوا إليهن أو يطلقوهن، أو حتى يفتدين منهم ببعض مالهن، أو قوله يا أيها الذين آمنوا إلى كرها فى من يرث زوج الميت الذى هو عاصبه و ما بعد ذلك فى الرجل بجانب جماع زوجته فيجعلها كأنها غير ذات زوج، ويناسبه مع القول قبله قوله { إلآ أن يأتين بفاحشة مبينة } وقوله { وعاشروهن بالمعروف } الخ، ويبحث أن لا يخاطب متعدد بعبارتين إلا بقرينة، كقوله تعالى:
يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك
[يوسف: 29]، فلا يقال قم واقعد خطابا لزيد وعمرو، والفاحشة المبينة كالنشوز عنه فى فراشه، أو كلامها، أو فيما يجب عليها أن تطاوعه فيه، والبروز للرجال ببدنها أو ثيابها المزينة، أو رائحتها أو كلامها بحيث لا يجوز، وعن أبى قلابة وابن سيرين الزنا، ومصدر يأتين ظرف أى إلا وقت إتيان بفاحشة، أو مقدر باللام، أى لا تعضلوهن لعلة إلا لإتيان بفاحشة بينة، أى ظاهرة، وعلى أن الآية فى إرث الإنسان نكاح زوجة وليه وشأنها يكون الاستثناء منقطعا، وقيل مفرغ، أى لشىء إلا لإتيانهن بفاحشة، أو فى حال ما إلا فى حال إتيانهن بفاحشة، والتفعيل للمبالغة، يقال بين الشد تبينا فهو مبين ، أى ظاهر ظهورا عظيما، أو هو للتعدية، فالمفعول محذوف، أى بفاحشة مظهرة نشوزها، أو مطلق سوءها، والمعروف: حسن الفعل والقول لهن، ومن الفعل الجماع والمبيت معها، والنفقة والكسوة البشاشة، ويتزين لها كما تتزين له، ومن القول الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والتعليم والتأديب، والسلام، فقيل إذا أتت بفاحشة فله أن يطلب الفداء، ولا يوفى بحقوقها من جماع أو غيرها، وإن كانت فاحشتها الزنا أبطلت صداقها فله أن لا يعطيها إياه، وله استراده إن كان قد وصلها، وقيل لا تبطله إن تابت، وقال عطاء: كأن الزنى مبطلا لصداقها بهذه الآية، ثم نسخ إبطاله بالحد { فإن كرهتموهن } طبعا بلا سبب منهن، أوبسبب مما يتحمل، ولم ينه عنها لأجله { فعسى أن تكرهوا شيئا } علة قامت مقام الجواب لقوة إيجابها إياه، أى فاصبروا ولا تطلقوهن، والطلاق مكروه لإمكان أن تكرهوا شيئا { ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } كولد صالح تلده المكروهة، وغيره من المصالح الدينية والدنيوية كالألفة والمودة.
[4.20]
Bog aan la aqoon