وويبة أمسين اثنا عشر مدا بمعيار بلدنا، وهو مد النبى صلى الله عليه وسلم، فهى المكيال المسمى فى عرفنا حثية، وأما ويبة ابناين فثمانية أمداد، وأما ويبة يفرن فتسعة أمداد وثلاثة أخماس المد، والفرن نحو الجوة الصغيرة، وهو المكيال المسمى فى عرفنا وعرف نفوسة نقاصة، وفى الجرة الكبيرة أربع فقاصات، وهن أربعة قرون، وأما ويبة العرب فاربعة وعشرون مدا، وقيل اثنان وعشرون، والقفيز ست عشرة حيتة، وهو اثنان وثمانون ثمنة، والثمنة ستة أمداد.
قال أبو عبدالله محمد بن عمرو بن أبى ستة: ومما وجد يخط عمنا أحمد أبى ستة رحمه الله، وأسنده إلى من قبله من المشايخ، إن الفقير يفرض عليه فى النفقة الكاملة صاعان، يعنى بكيل جربة، بين الشعير والقمح الثمن قمح أو ذرة والباقى شعير فى كل شهر، مع نصف صاع زيتا مع ثلث درهم لحما أو سمكا، وفى الرضاع لكل شهر درهمان، يعنى على الرضيع، وإذا خرج من حد الرضاع فله ثلث النفقة، وإذا تمت أربع سنين يفرض له تصف النفقة، فإذا بلغ خمس أو ست سنين يفرض له النفقة الكاملة.
قال البيسانى رحمه الله: ونفقة الصغير إذا طلقت أمه، ولو تزوجت ثلث نفقة إذا فصل عن الرضاع حتى يبلغ خمسة أشبار، ثم نصف النفقة حتى يصل ستة أشبار، ثم ثلث النفقة حتى يبلغ، وقيل فى ذلك بنظر العدول، وفى أثر، للأم نفقة الرضيع حتى يفطم زيادة على نفقتها إذا طلقت، ونفقته على الفقير بعد الفطام ثلث النفقة الكاملة، وهى صاعان بكيل جربة، الثمن قمح وذرة والباقى شعير فى كل شهر مع نصف صاع زيتا، وثلثى درهم لحما أو سمكا إلى أن تتم أربع سنين، أو حتى يبلغ خمسة أشباب، وقيل: أربعة أشبار ونصفا، فيكون له نصف هذه النفقة الكاملة، واعترض التحديد بالأشبار، لأن من الصبيان الطويل القليل الأكل وضده، وإذا بلغ خمسا أو ستا كملت، وقيل إن كان فى سبعة فنصف نفقة أمه، أو فى خمسة فثلثها، أو فى عشرة إلى اثنتى عشرة فثلثاها، وللرضيع أوقية فى الشهر، وللحاضنة ثمن الأوقيه فى الشهر.
وذكر أبو عبدالله محمد بن عمرو بن أبى ستة فى حاشيته على تفسير الشيخ هود، رحمهما الله، أنه إذا بلغ ست سنين فثلثا النفقة حتى يبلغ، كقول بعض المشارقة إذا بلغ ستة أشبار فثلثها إلى البلوغ، وقيل: إذا بلغ خمسة أشبار ونصفا فثلثاها إلى البلوغ، وقيل: إذا بلغ ستة أشبار ولم يبلغ نقص من التامة قليلا، وفى أثر، للرصيع على الغنى ثلاثة دراهم وعلى المتوسط درهمان ونصف وعلى الفقير درهمان { لا تضآر ولدة } أى لا يضرها أبو الولد { بولدها } إخبار عما فى الشرع، أو نهى غائب بلا النافية أو الناهية، أى لا ينزعه منها أبوه، وقد أحبت إرضاعه، وقيل: منها بلا النافية تلحقه منها، ولا تكره على إرضاعه، إذا أبت { ولا مولود له } أى لا تضر أبا الولد { بولده } بأن تكلفه فوق طاقته فى الإنفاق، أو بأن تلقيه إليه وقد ألفها، والمفاعلة بمعنى الفعل أو على بابها، بأن يكون فى كل منهما ضر للآخر، يجازيه بشأن الولد، أو الباء صلة على البناء للفاعل، أى لا يضران ولدهما وإضافة الولد إليهما عطف لهما إليه، ليتفقا على صلاحه { وعلى الوارث } وارث الولد، لأن أل كالعوض عن الضمير، الضمير لأقرب مذكور، أى من يكون وارثا لذلك الولد لو مات، من سائر قرابة الولد الصابين له، كما قال عمر بن الخطاب وأبو زيد، فإنه يمون مرضعته من ماله، وإن كان للولد مال فمن مال الولد، هذا مذهبنا ومذهب ابن أبى ليلى، وقيل: كل من يرثه من القرابة، وقال أبو حنيفة: الوارث الذى لو كان ذكرا والولد أنثى، أو بالعكس، لم يتزوجا، وبذلك قال حماد وابن مسعود إذ قرأ: وعلى الوارث ذى الرحم المحرم مثل ذلك، وقيل: الوارث الولد، إذ هو وارث الأب إن مات الأب، وقيل: الأم إن مات الأب، ومذهب الشافعى، أنه لا نفقة على غير الفروع والأصول، وعنه: الوارث وارث الأب، وهو الصبى، فإن مؤن الصبى من مال الصبى إن كان له مال، وقد قيل: الوارث الباقى، أى من بقى من أبويه، وهو الأم بعد موت الأب، روى الترمذى عنه صلى الله عليه وسلم:
" اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوانا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا "
{ مثل ذلك } مثل ما وجب على الأب من الرزق والكسوة { فإن أرادا } الأب والأم { فصالا } فطاما قبل الحولين لولدهما { عن تراض } اتفاق متعلق بصادرا محذوفا أو ثابتا، أى صادرا عن تراض، أو ثابتا عن تراض، أو بأرادا { منهما } لا برضاء من أحدهما فقط، لاحتمال أن تمل الأم من إرضاعه والقيام به، أو يبخل الأب بالأجرة فيضر الولد، واعتبرت الأم مع أن الولى الأب، لأنها أشفق على الولد وأصبر له وأنظر لمصلحته { وتشاور } استخراج رأيهما، من شار العسل بشوره، أى استخرجه، وذلك لحلاوة النصح، كالعسل، والمراد التشاور بينهما لولاية الأب بالنفقة والأم بالشفقة، ولو اتفقنا على فصل قبل الحولين مع مضرة الولد بذلك لم يجز { فلا جناح عليهما } فى ذلك الفصال قب الحولين، وكما يجوز الفصال قبل الحولين باتفاقهما مع عدم مضرة الولد يجوز اتفاقهما على الزيادة على الحولين، بل قدر يجوز دخول هذا فى الآية، لأن التنكير فى فصالا للإيذان بأنه فصال غير متعارف، وكما يحصل عدم التعارف بالنقص يحصل بالزيادة، وقوله: { فإن أرادا فصالا... } الخ مقابل لقوله: { يرضعن أولادهن حولين كاملين } ، وإن أرادت الزيادة بلا أجرة، وكانت نفعا للولد لم تمنع، أو ضرا منعت { وإن أردتم أن تسترضعوا أولدكم } غير أمهاتكم، فحذف المفعول الثانى، أى تجعلوا أولادكم راضعين غير أمهاتهمن أى ماضين لهن، أو حذف الأول، أى تصيرونهن مرضعات، أى مصيرات الأولاد ماضين، وإنما يراد غير الأمهات لمضرة فيهن، كبرص أو جذام، أو لإرادتهن التزوج، أو لطلبهن ما فوق أجرة المثل، قال بعض الشافعية: أو وجد الأب من يرضعهم بلا أجرة، أو بأجرة أقل مما طلبت الأم، وقد صلحت لهم غير أمهاتهم، وقيل: إذا أرادتهم الأمهات بأجرة المثل فهن أولى ممن يرضعنهم بلا أجرة أو بأقل، وحق الإرضاع للأب، وواجب على إطلاقه عند الشافعى، وأن له أن يمنع الأم من إرضاعه، ومذهبنا ومذهب الحنفية، أن الأم أحق بإرضاع ولدها، وأنه ليس للأب منعها من الإرضاع إذا رضيت، لقوله تعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن } فحق الإرضاع للأم، وإن كان مندوبا وليس بواجب عليها، وإلا لم يكن للأمر كبير فائدة، فإن الأب إن قدر أن يمنع الأم إذا رضيت بالإرضاع فكيف تمتثل الأمر، فإطلاق ما هنا مقيد بما هنالك، وكأنه قيل: وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم ورضيت الأم { فلا جناح عليكم } فى استرضاع غير الأمهات { إذا سلمتم } أعطيتم، أى نويتم تسليما، لا مكرا { مآ ءاتيتم } أثبتم بالعقد والوعد، ولا يشترط النقد، كأنه قيل: إذا أثبتم فى العقد للأجرة ما من شأنه أن يثبت، سواء نقدا، أو عاجلا أو آجلا، وقيل: المراد فى الآية النقد، إرشادا للمصلحة، وتطييبا لنفس المرضعة، لا شرطا، لكن أخرج مخرج الشرط تأكيدا { بالمعروف } فى الإعطاء، وفيما يعطى، وفى القول والمعاملة الحسنة { واتقوا الله } فى كل شئونكم من شأن الأزواج والمراضع والأولاد { واعلموآ أن الله بما تعملون بصير } لا تخفى عليه تقواكم أو معصيتكم.
[2.234]
{ والذين يتوفون } تقبض أرواحهم، بلغا أو أطفالا، أحرارا أو عبيدا، عقلاء أو مجانين، والذى يتوفاهم هو الله. قال رجل لأبى الأسود خلف جنازة: من المتوفى، بكسر الفاء، فقال: الله. والصواب أن يقول: من المتوفى، بفتح الفاء، وفيه وجه آخر، وهو أن يقال للميت متوف بكسر الفاء، بمعنى مستوف لأجله، كما قرأ يتوفون، بفتح الياء، ولم يخبر أبو الأسود على ذلك سائله، لأن سائله لا معرفة له بذلك { منكم } أيها المسلمون، وأما المشركون فكذلك، إلا ان المنتفع بالخطاب المسلمون، فيفسربهم، ولا مانع من أن المخاطبين المسلمون والمشركون { ويذرون أزواجا } مسلمات وكتابيات، ذوات أقراء، أو غيرهن، صغارا أو كبارا، مدخولا بهن أو غير مدخول بهن إلا الحامل، فأقصى الأجلين، أجل الوضع وأجل الوفاة، وهو الأصح، وهو قول على وابن عباس، وإلا الأمة فنصف الحرة، وقيل كالحر، وقالت الحنفية، الكتابية كالمسلمة بشرط أن تكون تحت مسلم بناء على أن المشرك غير مخاطب بالفروع، والمفرد الزوج، الأنثى بلا تاء، وهو اللغة الفصحى، لا الزوجة بالتاء، لأن فعلة لا يجمع على أفعال، والزوجة بالتاء للمؤنث لغة تميم وبعض قيس { يتربصن } أى وأزواج الذين يتوفون يتربصن، والذين يتوفون ويذرون أزواجا يتربصن بعدهم، أو بهم، أو تتربص أزواجهم، فأصمر لهن، والضمير لا يضاف، فحذف المضاف إليه، فالنون عائد إلى قولك أزواجهم، وقولك أزواجهم مشتمل على ضمير الذين، فنهى عائدة إلى ما أضيف إلى الضمير، فربط بذلك الضمير، وقيل، يقدر مبتدأ، أى أزواجهم يتربصن، وفيه أن تقدير المضاف قبل الذين أخف من هذا { بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } أى عشر ليال مع أيامهن، وذكر الليالى لأنهن أوائل الأيام والشهور، وأراد عشرة أيام، فحذف التاء، كقوله تعالى:
إن لبثتم إلا عشرا
[طه: 103] أى، إلا عشرة أيام، لقوله،
Bog aan la aqoon