ثم قال لي: إذا كان عند الظهر فرح إلي. فرحت إليه فلم أجد عنده حاجبا يحجبني دونه ووجدته جالسا وعنده قدح وكوز فيه ماء فدعا بطبية، قال: قلت في نفسي: لقد أمنني حتى يخرج لدي جوهرا ولا أدري ما فيه، قال: فإذا عليها ختم فكسر الختم فإذا فيه سويق
فأخرج منه فصب في القدح وصب عليه ماء فشرب وسقاني فلم أصبر، أن قلت: يا أميرالمؤمنين بالعراق تصنع هذا!! طعام العراق أكثر من ذلك.
قال: أما والله ما أختم عليه بخلا به، ولكني أبتاع قدر ما يكفيني فأخاف أن يفتح فيوضع فيه من غيره فإنما حفظي لذلك وأكره أن يدخل في جوفي إلا طيب، وإني لا أستطيع أن أقول لك إلا الذي قلت بين أيديهم؛ لأنهم قوم خدعة، ولكني آمرك الآن بما تأخذهم به، فإن أنت فعلت وإلا أخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ما آمرك به عزلتك، لا تبيعن لهم رزقا يأكلونه، ولا كسوة شتاء ولا صيف، ولا تضربن رجلا منهم سوطا في طلب درهم، فإنا لم نؤمر بذلك، ولا تبيعن لهم دابة يعملون عليها، إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو.
قلت:إذا أجيئك كما ذهبت، قال: فاتبعت ما أمرني به فرجعت والله وما بقي علي درهم إلا وفيته.
Bogga 103