حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الربعي، قال: كان لمعاوية بن أبي سفيان مولى يقال له: حريث وكان من أشجع الناس وأشبههم بمعاوية وكان إذا حمل أيام صفين، قال الناس: حمل معاوية، وكان لا يقوم له قائم، وكان معاوية مسرورا بموضعه فقال له يوما: يا حريث بارز من بارزك، وقاتل كل من قاتلك إلا عليا فإنه لا طاقة لك به.
فحسد عمرو بن العاص لعنه الله تعالى حريثا لما يظهر من نجدته وبسالته فقال له: يا حريث، إن معاوية نفس عليك بقتل علي لأنك عبد ولو كنت عربيا وذا شرف لرضيك لهذا الأمر والمنزلة، فإن قتلت عليا انصرفت براية الفخر وبأعلى ذروة الشرف.
فعمل في حريث قول عمرو فلما برز علي عليه السلام أحجم الناس عنه فتقدم إليه حريث فضرب عليا عليه السلام ضربة لم تؤثر فيه، وضربه علي عليه السلام فقتله، فاتصل الخبر بمعاوية فقلق وجزع وقال: من أين أتي حريث وقد كنت حذرته عليا عليه السلام ومنعته من قتاله؟
فقيل: إن عمرا أشار عليه بذاته فأنشأ معاوية يقول:
حريث ألم تعلم وعلمك ضايع
وأن عليا لم يبارزه واحد
أمرتك أمرا حازما فعصيتني
ودلاك عمرو والحوادث جمة
وظن حريث قول عمرو نصيحة ... بأن عليا للفوارس قاهر من الناس إلا أقصعته الأظافر
Bogga 92