271

Taysir Matalib

تيسير المطالب في أمالي أبي طالب

Noocyada

Hadith

عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده أن عليا عليه السلام خطب فقال بعد حمد الله تعالى والثناء عليه: أيها الناس إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتصل فيكم المنايا، وما لكم فيها نهب للحتوف والمصائب، مع كل جرعة منها شرق، وفي كل أكلة منها غصص، لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى وما يعمر من معمر في عمره يوما إلا بهدم آخر من أجله ولا تتجدد له زيادة في أكله إلا بنفاد ما قبله من رزقه ولا يحيى له أثر إلا مات له أثر، وقد مضت أصول نحن فروعها فما بقاء فرع اجتث أصله، إني أحذركم الدنيا فإنها غرارة لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنيتها ما، قال الله عز وجل:{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا}[الكهف:45] مع أن كل من نال منها حبرة أعقبته عبرة، ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا غرارة غرور ما فيها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى، من قلل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها لم تدم له ولم يدم لها، كم واثق بها ومطمئن إليها قد خدعته وذي تاج منها قد أكبته لليدين وللفم، سلطانها دول وصفوها كدر، وحيها بعرض موت وأمنها بعرض خوف، وملكها مسلوب وجارها محروب ومن وراء ذلك سكرة الموت وزفرته، وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل، فهنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون، فيجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ألستم ترون وتعلمون أنكم في منازل من كان قبلكم كانوا أطول منكم أعمارا وأشهر منكم آثارا، وأكثر منكم جنودا وأشد منكم عمودا، تعبدوا للدنيا أي تعبد، ونزلوا بها أي نزول وآثروها أي إيثار.

Bogga 315