وقدْ خالفَهُمُ الجُمهورُ في هذا الشَّرطِ من المالكيَّةِ والشَّافعيَّةِ والحنابلَةِ وغيرِهِمْ.
[٢] أنْ لا يترُك راويهَا عن النَّبيِّ ﷺ العملَ بها، فإذَا تركَ العملَ بها لم تَكُن حُجَّةً.
وبنوا ذلك على أنَّ ترْكَهُ مُخالفَةٌ، والصَّحابيُّ لا يجوزُ أن يتعمَّدَ مخالفةَ النَّبيِّ ﷺ، وفي ذلك التَّركِ منهُ دليلٌ على نسخِ تلكَ السُّنَّة.
وهذا قولٌ لم يُقبلُ من الحنفيَّةِ، فإنَّ الصَّحابيَّ غيرُ معصومٍ من نسيانٍ أو غفلةٍ، والرَّاوي قد يُحدِّثُ بالشَّيء فيأتِي عليهِ الزَّمانُ فينساهُ، كما نسيَ عُمرُ بن الخَطَّابِ ﵁ قصَّةَ التَّيمُّمِ وذكَّرهُ بها عمَّارُ بنُ ياسرٍ ﵁، والقصَّةُ في «الصحيحينِ»، في وقائعِ كثيرةٍ تُشبِهُ ذلكَ، وكذلكَ فإنَّ التَّأويلَ غيرُ ممتنعٍ، كما تأوَّلتْ عائشةُ إتمامَ الصَّلاةِ في السَّفرِ، وأُتمَّتْ صلاَةُ الحضرِ [متفقٌ عليه]، فيجوزُ أن يكونَ هذا الاحتمالُ أو غيرُهُ واردًا على رأيِ من رَوَى خبرًا فخالَفَهُ، وهذا بخلافِ روايتِهِ فإنَّها سالمَةٌ من هذه الاعتِراضاتِ.
٦ـ لا يصحُّ تصوُّرُ ورودِ سُنَّةٍ ثابتةٍ من جهةِ النَّقلِ أن تكونَ مُخالفَةً للأصولِ المقطوعِ بها في دينِ الإسلامِ، أو للقرآنِ، أو الحديثِ المتواترِ، وإن وُجِدَ شيءٌ في الظَّاهرِ يُدَّعى عليهِ ذلكَ فهوَ في التَّحقيقِ يرجعُ إلَى