و﴿بَطَنَ﴾: حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء. وفي التفسير المنسوب إلى أبي علي الطبري من الحنفية، - وهو تفسير عظيم ـ: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ﴾ أي: القبائح. وعن ابن عباس، والضحاك، والسدي، أن من الكفار من كان لا يرى بالزنا بأسًا إذا كان سرًا. وقيل: (الظاهر) ما بينك وبين الخلق، و(الباطن) ما بينك وبين الله. انتهى.
وفي (الصحيحين: البخاري ٤٦٣٤، ومسلم ٢٧٦١) عن ابن مسعود مرفوعًا "لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم ﴿الفواحش ما ظهر منها وما بطن﴾ " ١.
﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ ٢. قال ابن كثير: هذا مما نص تعالى على النهي عنه تأكيدًا، وإلا فهو داخل في النهي عن الفواحش وفي (الصحيحين: البخاري ٦٨٧٨، مسلم ١٦٧٦)، عن ابن مسعود مرفوعًا: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"٣.
وعن ابن عمر مرفوعًا: " مَنْ قتل معاهَدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا "٤. رواه البخاري (٣١٦٦) .
﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ٥. قال ابن عطية: ﴿ذلكم﴾ إشارة إلى هذه المحرمات; و(الوصية) الأمر المؤكد المقرر.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ترجٍّ بالإضافة إلينا، أي: من سمع هذه الوصية يرجى وقوع أثر العقل بعدها.
قلت: هذا غير صحيح، والصواب أن (لعل) هنا للتعليل، أي:
_________
١ البخاري: النكاح (٥٢٢٠)، ومسلم: التوبة (٢٧٦٠)، والترمذي: الدعوات (٣٥٣٠)، وأحمد (١/٣٨١،١/٤٢٥،١/٤٣٦)، والدارمي: النكاح (٢٢٢٥) .
٢ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٣ البخاري: الديات (٦٨٧٨)، ومسلم: القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧٦)، والترمذي: الديات (١٤٠٢)، والنسائي: تحريم الدم (٤٠١٦)، وأبو داود: الحدود (٤٣٥٢)، وابن ماجه: الحدود (٢٥٣٤)، وأحمد (١/٣٨٢،١/٤٢٨،١/٤٤٤،١/٤٦٥،٦/١٨١)، والدارمي: الحدود (٢٢٩٨) والسير (٢٤٤٧) .
٤ البخاري: الديات (٦٩١٤)، والنسائي: القسامة (٤٧٥٠)، وابن ماجه: الديات (٢٦٨٦)، وأحمد (٢/١٨٦) .
٥ سورة الأنعام آية: ١٥١.
1 / 37