الشفاعة، وأخبر أنها لا تكون أبدًا، بل أخبر أن ذلك شرك، ونزه نفسه عنه، ونفى أن يكون للمؤمنين ولي أو شفيع من دونه، مع أن الشفاعة يوم القيامة لهم بإذنه، لا للمشركين كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ ١. فنفى سبحانه أن تنفع الشفاعة أحدًا ﴿إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ﴾ قوله وعمله، وهو المؤمن المخلص.
وأما المشرك الداعي لغير الله ليشفع له فلا تنفعه الشفاعة، ولا يؤذن لأحد في الشفاعة فيه. كما قال: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ . وقال تعالى: ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ ٢.
قوله: وقد بين النبي ﷺ إلى آخره. تقدم ما يتعلق بذلك والله أعلم
[باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾، [القصص: ٥٦]،] .
أراد المصنف ﵀ الرد على عباد القبور الذين يعتقدون في الأنبياء والصالحين أنهم ينفعون ويضرون، فيسألونهم مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، وهداية القلوب، وغير ذلك من أنواع المطالب الدنيوية والأخروية، ويعتقدون أن لهم التصرف بعد الموت على سبيل الكرامة. وقد وقفت على رسالة لرجل منهم في ذلك، ويحتجون على ذلك بقوله: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يقول قائلهم [البوصيري] في حق رسول الله ﷺ:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم الروح والقلم.
فإذا عرف الإنسان معنى هذه الآية ومن نزلت فيه; تبين له بطلان قولهم وفساد شركهم، لأن رسول الله ﷺ أفضل الخلق