مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ ١.
وهذا بعينه يفعله عباد القبور، بل يزيدون على كل ذلك فيجعلون للأموات نصيبًا من الأولاد.
إذا تبين هذا، فاعلم أن الشرك ينقسم ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد، - وكل منها قد يكون أكبر وأصغر مطلقًا، وقد يكون أكبر بالنسبة إلى ما هو أصغر منه، ويكون أصغر بالنسبة إلى ما هو أكبر منه ـ.
القسم الأول: الشرك في الربوبية:
أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كـ:
١- شرك فرعون. إذ قال: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾؟
٢- ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته، وأنه لم يكن معدومًا أصلًا، بل لم يزل ولا يزال، والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها، يسمونها: العقول، والنفوس.
٣- ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود، كابن عربي، وابن سبعين، والعفيف التلمساني، وابن الفارض، ونحوهم من الملاحدة الذين كسوا الإلحاد حلية الإسلام، ومزجوه بشيء من الحق، حتى راج أمرهم على خفافيش البصائر.
٤- ومن هذا شرك من عطّل أسماء الرب وأوصافه، من غلاة الجهمية، والقرامطة.
النوع الثاني: شرك من جعل معه إلهًا آخر ولَمْ يعطل أسماءه وصفاته
وربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة، وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة.
ومن هذا شرك كثير مِمَّن يشرك بالكواكب العلويات، ويجعلها مدبرة لأمر هذا العالم، كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم.
_________
١ سورة الأنعام آية: ١٣٦.
1 / 26