التيسير في أحكام التسعير
تأليف
أحمد بن سعيد المجيلدي (المتوفى سنة ١٠٩٤ هـ)
Bog aan la aqoon
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وآلة ومما ألفه العالم الأفضل، القاضي الأعدل، أبو العباس سيدي أحمد بن سعيد رحمه الله تعالى بمنه وجوده وفضله ونفعنا ببركاته آمين.
نص الكتاب
أحمد من تفضل بالأقوات، وأمد الحيوة، (الحياة) بها في سائر الأوقات وخص النوع الآدمي بنصب الأحكام وكلفه بالعلم بها، والأحكام، وأصلى وأسلم على إنسان عين الحق، وعنصر الحقيقة والصدق، الحاكم على الخيار والأشرار بقوله (لا ضرر ولا ضرار) ورضي الله عن آلة وصحبه وأتباعه وحزبه.
وبعد، فهذه أوراق ينتفع بها من أعمل فكره في مطالعتها وبذل الوسع في
1 / 37
مراجعتها ممن يتولى أمور الأسواق وكان على نفسه وعلى المسلمين ذا إشفاق والمحافظة على الحقوق وصف لازب ومجانبة العقوق أمر واجب فيجلب المتولي المنافع، ويأمر بالسراء ويرفع المضار، ويزجر عن الفساد، ومن استعمل في خطة من الخطط، فالمعرفة بأحكامها في حقه تشترط، إذ لا يحل لأحد أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه وإلا فهو ضال مضل ذو تمويه.
والحامل لي على تسطير هذه الأوراق، وجمع نقول الأئمة فيها بعد الافتراق، إلحاح بعض من ابتلي بخطة الحسبة، ورغبته في تلفيق ذلك أعظم رغبة، فلبيت نداءه، وأجبت دعاءه، رجاء أن يضرب لي بسهم بين المستفيدين، وأن أعد بفضل الله ورحمته من فريق المفيدين. أجاب الله دعاءنا، وحقق رجاءنا، أنه سميع قريب كريم مجيب.
1 / 38
وقسمته إلى مقدمة وخمسة (عشرة أبواب) وخاتمة، ليسهل الفحص على مريد ذلك من مسائل الكتاب، ويقرب العثور على أي جزئية رامها في هذا الخطاب والتزمت النقل من اختصار ابن هرون، وابن عرفة، والمعيار لما فيه من إيضاح المسائل التي يشهد بها ذو معرفة.
المقدمة
أما المقدمة ففي تعريف ما رمت جمعه
الأبواب
وأما الأبواب فهي:
الأول في فضل من قام بهذه الخطة الشريفة التي هي الحسبة وشروط المحتسب.
والثاني في حكمه.
والثالث في الأشياء التي تسعر، والتي لا تسعر.
والرابع فيمن يسعر عليه، ومن لا يسعر عليه.
والخامس في المعيار الشرعي، والعادي، وما يباع وزنًا، أو كيلا، أو بهما وفي كيفيتهما.
1 / 39
والسادس في رد سعر الواحد، والاثنين، لسعر الجماعة.
والسابع، في الأشياء التي يمنع بيعها، أو يكره، في الأسواق وفي منع ذوي العاهات، والقروح، من بيع المائعات وغيرها.
والثامن، في وجوب رفع ضرر عام من الأزقة، والرحاب، وغيرها.
والتاسع، في حكم اختلاط المسلمين في أحكامهم مع أهل الذمة، والتشبه بهم.
والعاشر في بيان الغش، وما يعاقب به من ظهر عليه أو أتهم به.
وأما الخاتمة ففي جمع مسائل لها تعلق بالمعنى الذي هو أساس هذا التأليف، وعليه المبنى وسميته.
"التيسير في أحكام التسعير" والله سبحانه وتع (تعالى) المرشد للصواب، والملهم، إلى الحق الذي ليس فيه ارتياب. فأقول:
1 / 40
المقدمة
في التعريف، بالتسعير، وكلام الأئمة فيه لغة، واصطلاحًا، على اختلاف التفسير.
التسعير لغة، هو القدر الذي يقوم عليه الثمن، وسعروا تسعيرًا، اتفقوا على سعر، قاله في القاموس، واصطلاحًا، قال ابن عرفة حد التسعير، تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه قدرًا للمبيع المعلوم، بدرهم معلوم.
1 / 41
الباب الأول
في فضل الحسبة، وشروط المحتسب
اعلم أن الحسبة من أعظم الخطط الدينية، وهي بين خطة القضاء وخطة الشرطة، جامعة بين نظر شرعي ديني وزجر سياسي سلطاني، فلعموم مصلحتها، وعظيم منفعتها، تولى أمرها الخلفاء الراشدون، والأمراء المهتدون لم يوكلوا أمرها إلى غيرهم مع ما كانوا فيه من شغل الجهاد، وتجهيز الجيوش للمكافحة والجلاد.
شروط المحتسب
ومن شروط المحتسب، أن يكون ذكرًا، إذ الداعي إلى اشتراط الذكورية أسباب لا تحصى، وأمور لا تستقصي. ولا يرد ما ذكره ابن هرون أن عمر ﵁ ولي الحسبة على سوق من أسواق المدينة لامرأة تسمى الشفاء "بنت عبد الله". وهي أم سليمان ابن أبي
1 / 42
خيثمة الأنصارية، لأن الحكم على الغالب، والشاذ لا حكم له وتلك القضية من الندور بمكان، أو لعله في أمر خاص يتعلق بأمور النسوة ومن شروطه أيضًا أن يكون مسلمًا، إذ لا ولاية لكافر على مسلم ولا أمامه، وأن يكون بالغًا، إذ الأمور مع الصبي لا تكاد تنضبط غالبًا بزمام، لامتزاجه في الغالب، بقلة التثبت، وكثرة الأوهام، وأن يكون عدلا إذ هي أصل في الخطط، والولايات، والأمور المباينة للجنايات، ومن شروط الكمال، أن يكون لا يخاف في الله لومة لائم- ذا مهابة، ووقار، وهمته عالية عن دني الأقدار، وفظاظة يشوبها رفق وروي عن علي ﵁، أنه أدب رجلا فقال له: قتلتني يا أمير المؤمنين، فقال الحق قتلك فقال له ارحمني فقال: الذي أوجب عليك الحد ارحم بك مني.
1 / 43
ومن حقه ألا يؤدب أحد حتى يتقدم له فيما أمر به، أو نهى عنه ويتأنى ولا يؤدب أحدًا إلا بعد التحقيق، قال تعالى ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا﴾.
وقد أدب عمر ﵁ رجلا رآه يصلي بين النساء فقال له: والله لئن كنت أحسنت، فقد ظلمتني وإن كنت اسأت فما اعلمتني، فقال له عمر أما سمعت ينهي أن يطوف الرجال مع النساء فقال له والله، ما سمعت، ثم ألقى له الدرة، فقال له: اقتص، فقال لا اقتص اليوم، فقال فاعف فقال لا، وانصرف ثم لقيه غدًا فقال له: أما لك أن تقتص، أو تعفو، فقال قد عفوت.
وعلى المحتسب أن يحتسب في كل ما يراه مصلحة للمسلمين وأن ينظر في جميع الأمور الجليلة، والحقيرة، وقد كان بعض أصحاب الشافعي لما قدم لها من بغداد، أقام قاضيًا وجده يقضي في المسجد فقال له ألم تسمع قوله تعالى ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع﴾. ولكن هذا يخالف ما روي من استحباب
1 / 44
مالك الجلوس للقاضي، في المسجد، ليتوصل إليه القوي، والضعيف، والصغير، والكبير، وقد كان محتسب أمر المؤذنين أن يعصبوا على أعينهم، وقت صعودهم للتأذين على السطوح والمنائر وليكن لينًا في فظاظة، ضعيفًا في قوة: يوبخ ويزجر، ويتوعد ويسجن ويضرب، ويعاقب سرًا وجهرًا، ويطوف بعد التثبت، كما قال تعالى فتثبتوا أو فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين الآية. ويتخذ من ثقات أهل السوق، من يعرف ثقته وأمانته ونصيحته للمسلمين يبحث له عن أحوال الباعة ويتفقد الموازين، والامداد بنفسه مرة بعد مرة، في الأوقات المعهودة وغير المعهودة فما ظهر من المناكر غيره، بحيث لا يتجسس على أحد ممن ابتلي بشيء من هذه القاذورات الخاصة به إلا الجماهير وقد قال ﷺ (من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عليه، فإن من
1 / 45
أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد) كما قال تعالى (ولا تجسسوا). ولا ينبغي له أن يتسور دار قوم إذا اتهمهم بمعصية، ما لم ترتفع فيها أصوات الملاهي والمناكر، وضجيج السكارى، فله الهجوم عليهم حينئذ وتغيير المنكر واجب إذ ذاك. واجرة أعوان المحتسب كأجرة أعوان القاضي قال ابن عاصم:
واجرة العون على طالب حق ... ومن سواه إن الد تستحق
تكميل
وسئل ابن مرزوق عمن له معرفة بأحوال أهل السوق والمعرفة في تسعير الفواكه وغيرها عدا الزرع، ويعرف من ذلك الجيد والرديء هل يجوز له أخذ الأجرة على الباعة أو لا يجوز ذلك فأجاب إن كان في نصبه ناظرًا عليهم منفعة للمسلمين، لقطعه مادة فساد الباعة، من غش في المبيعات، وسرقة في المكيلات، والموزونات وما أشبه ذلك من الإضرارات، التي يفعلها الباعة، نصب وحل له الارتزاق على ذلك. وسئل عن أجرة عون القاضي، الذي يأتي بالمتخلف عن دعوة قاضي وطنهم والسجان هل على الطالب أو على المطلوب
1 / 46
وهل هي محدودة؟ وهل يجوز للقاضي أن يسجن في ولاة الأمر، أو لا يجوز له ذلك؟ فأجاب إن كان المطلوب يلد ويتغيب عن مجلس الحكم تعنينا وطالبه فالأجرة عليه، وإلا فعلى الطالب، والمحبوس كذلك، إن عرف أنه ملد، ظالم بالمطل، فالأجرة عليه، وإلا فالأجرة على الذي طلبه. وأما سجن الأدب فعلى المحبوس، ولا أعلم لذلك قدرًا محدودًا، لكن ينظر القاضي فيما يشبه أن يكون أجرة، على ذلك الفعل الذي فعله المتصرف بين يديه، وقدر المؤونة من ذلك وكذا في سجن السجان، ولا يترك الخدم ينتقمون من الناس.
1 / 47
الباب الثاني
في حكم التسعير
في إباحة التسعير، وما ورد في ذلك عن النبي ﷺ وعن السلف الصالح. وعن ابن هرون. سئل النبي ﷺ، عن التسعير فقال: (إن الله هو القابض الباسط والمغلي ٢ ب والمرخص وإني لأرجو أن ألقي الله، وليس لأحد منكم عندي مظلمة)، ولهذا روى ابن القاسم عن مالك: أنه لا يجعل لأهل السوق سعرًا يبيعون عليه، وروى أشهب عنه، في العتبية، يسعر على الجزارين، بقدر ما يرى من شرائهم يقول لهم اشتروا على هذا وإلا فاخرجوا من السوق. ابن عرفة، وأهل السوق في تركهم لبيعهم باختيارهم ومنعهم، سماع عيسى، ابن القاسم مع سماعه ونقله عن ابن حبيب.
1 / 48
عن سماع القرينين. وعليه يجب على صاحب السوق الموكل بمصلحته، أن يجعل لهم من الربح ما يشبه ويمنعهم من الزيادة عليه، ويتفقدهم في ذلك ويلزمهم إياه كيفما تقلب السعر زيادة أو نقصانًا، ومن عصاه يعاقبه بعد هذا الباب فليراجع، واجمعوا على أنه، لا يقول لهم، لا تبيعوا إلا بكذا، وكذا ربحتم أو خسرتم، من غير أن ينظر إلى ما يشترون به. وعلى أنه لا يقول لهم، لا تبيعوا إلا بمثل الثمن الذي اشتريتم به. وإن ضرب لهم الربح على ما يشترون، منعهم أن يغلوا السعر، وأن لم يزيدوا إذ يتساهلون فيه، وإن علم ذلك منهم، ضرب لهم الربح على ما يعلم من مبلغ السعر، وقال (يقول) لا تبيعوا إلا بكذا، وكذا، ولا تشتروا إلا عليه. قال ابن حبيب: لا يكون التسعير عند من أجازه إلا على (رضى) ومن أكره الناس عليه فقد أخطأ.
ونص كلامه: صفة ما ينبغي للأمام أن يفعله من التسعير، أن يجمع وجوه ذلك الشيء، ويحضر غيرهم استظهارًا على صدقهم، ويسألهم كيف يشترون؟ وكيف يبيعون؟ وينازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة مصلحة وسداد.
1 / 49
ويجبرون على التسعير، وعلى هذا أجازه من أجازه كلامه.
وسئل يحيي بن عمر، عن التسعير، فأجاب بنحو هذا الكلام وأطال النفس في ذلك فراجعه، في المعيار في كتاب البيوع إن شئت ومن كلامه (يحيى بن عمر) قال مالك: لا خير في التسعير على الناس ومن حط من سعر الناس أقيم.
وعن ابن وهب، سئل مالك عن صاحب السوق، يريد أن يسعر، فيقول: أما بعتم بكذا وإلا خرجتم من السوق فقال: لا خير فيها. ونقل ابن رشد وجوب التسعير. وقصة عمر مع حاطب الآتية، تشهد لمن أجاز التسعير والله أعلم. وتأمل كلام ابن عرفة الآتي في الباب الذي بعد هذا، تجده نصًا صريحًا في الجواز.
1 / 50
الباب الثالث
في الأشياء التي تسعر، والتي لا تسعر
قال ابن هارون: يسعر الحاكم على الجزارين بقدر ما يرى من شرائهم يقول لهم اشتروا على هذا وإلا فاخرجوا من السوق. وقد مر عمر بن الخطاب ﵁ على حاطب بن أبي بلتعة يبيع زبيبًا في السوق، فقال له إما أن تزيد في السعر وإلا فاخرج من سوقنا قال ابن حبيب، يختص بالمكيل والموزون خاصة، طعامًا كان أو غيره. فقوله: أو غيره لا يتناوله حد التسعير المتقدم لابن عرفة فتأمله، فأهل الحرف كالخراز، والحداد على هذا لا يسعر لهم لتفاوت صنعتهم جودة ورداءة (٣ أ) وسيأتي في الباب الرابع الكلام عليه.
قال ابن عرفة: إذا كان الإمام عدلا ورأى التسعير مصلحة، يجمع وجوه أهل (سوق) ذلك الشيء، ويسألهم كيف يبيعون؟؟ وكيف يشترون؟ وليس ما أجازه في القمح والشعير وشبهه من ذلك، لأن الجالب يبيعه ولا يترك التجار يبيعونه على أيديهم، إنما ذلك في مثل الزيت
1 / 51
والسمن والعسل واللحم والبقل والفاكهة وشبه ذلك، ما عدا البز والقطن وشبهه. قيل ليحيى بن عمر ضع لنا القيمة التي تقام على الجزارين وغيرهم من أرباب الحوانيت الذين يبيعون السمن والعسل والزيت والشحم، فإنهم إن تركوا بغير قيمة أهلكوا العامة، لخفة السلطان وضعفه وإن جعلت لهم قيمة، فهل ترى ذلك جائزًا؟ فإن كان جائزًا فماذا يجب على السلطان أن يفعل فيمن نقص من القيمة، وقدر من عندك بحجة ظاهرة، وأمر بين، وتبريرنا ما كتبنا به إليك، فأجاب وقال: قال مالك: لا خير في التسعير، ومن حط عن سعر الناس أقيم. وقال أيضًا: إن قال صاحب السوق بع على ثلث رطل من الضأن، ونصف رطل من الإبل قال: فما أرى به بأسًا وإن سعر عليهم شيئًا يكون فيها ربح قدر لهم من غير اشتطاط.
1 / 52
الباب الرابع
فيمن يسعر عليه، وفيمن لا يسعر عليه
(قال) ابن عرفة، الجالب لا يسعر عليه. (قال) ابن رشد اتفاقًا قال: إن حط عن قدر السوق أمر بمساواته أو قيامه انظر تمامه في الباب السادس، ولا يسعر على المحتكر، حيث يؤمر بإخراج طعامه إلى السوق ويبيع ما فضل عن قوت عياله كيف شاء ولا يسعر عليه، فإن سألوا الناس ما يحتمل أن يكون ثمنًا قال: هو مالهم يفعلون فيه ما أحبوه، ولا يجبرون على بيعه بسعر يوقت لهم، فهم أحق بأموالهم، ولا أرى أن يسعر عليهم، وما أراهم إنما رغبوا وأعطوا ما يشتهون. وأما التسعير فظلم لا يعمل به من أراد العدل.
قال يحيى بن عمر قوت عيالهم يعني قوت سنة، كانوا تجارًا أو حرثوا لأنفسهم، يترك لهم قوت سنة، ويؤمرون ببيع ما بقي قال يحيى بن عمر وأرى على صاحب السوق أن يأمر البدويين إذا أتوا بالطعام يبيعونه، فلا ينزلوه في الدور والفناديق فلا يبيعوه لا في الدور، ولا في الفناديق وأن يخرجوه إلى
1 / 53
أسواق المسلمين حيث يدركه الضعيف والعجوز الكبيرة. قيل ليحيى فإن قال البدوي أنه تدخل على مضرة فيمن يشتري مني نصف دينار أو ثلث دينار، فربما طالت إقامتي ولا أرجع إلى بلدي، (وإنما معي زاد يوم أو يومين. قال يحيى. يقال له حط من السعر نصف الثمن أو ربعه، فينفذ طعامك سريعًا، وترجع إلى بلدك) وأما ما ذكرت من المقام والمضرة، فأنت تريد أن تبيع نافقًا وتريد أن ترجع سريعًا إلى بلدك فلا يمكنك هذا، لأنه ضرر على المسلمين، قيل ليحيى بن عمر: فإن جلبه من لا يعرف بيعه أراد ليأكله. فقال إذا صح هذا خلي بينه وبين طعامه ليحمله إلى داره، قيل له فإن أراد الرجل أن يبيع قمحًا جلبه من منزله إلى بيته. فاحتاج إلى ثمنه فعرض منه قليلًا في يده في السوق فاشترى منه الحناطون على الصفة، ليكتالوه في داره وينقلوه إلى حوانيتهم فقال أرى أن لا يمكن البائع أن يبيع في داره وأرى أن ينقله إلى سوق المسلمين. قيل له: فإن كان أهل القصر
1 / 54
ليس لهم رحبة ينصب فيها الطعام قال: أرى أن يكتروا الحوانيت ويبرزوه فيها، ويمنع الناس أن يشتروه في الدور (إذا كان السعر غاليًا وأضر ذلك بالسوق) وإذا كان السعر رخيصًا ولم يضر بالسوق خلي بين الناس وبين أن يشتروا حيث أحبوا أو يدخروا. قيل ليحيى فإذا أراد الرجل الذي لا يعرف بيع الطعام ولا يحتكر، أن يشتري في الغلاء قوت سنة. قال لا يمكن من ذلك انتهى (كلام يحيى).
ومن اشترى دون السعر، وهو جاهل به فله الرجوع بما بقي له بحساب السعر. قال المالقي: لا احتساب على جالب الطعام ولا لمن يبيع بغير دكان ولا حانوت يعرض للخاص والعام ولا على الفواكه، والخضر، إلا لغلاء مفرط، ولا على السكرى (السطري؟) ولا على الدباغ، والسمسار، والخراز، والبناء، والكاتب، والصاغة والشراط والنكاز والحواز والخياط والبرام والصفار، والقواس، والخراط، والفخار والحائك والنجار والرماح والحداد، وجميع أهل الحرف والصنائع والمتسببين من حمال أو سواه ودلائل وسمسار وغيرهم. ولكن ينبغي للوالي أن يقبض من أهل كل صنعة
1 / 55